الأسرة هي بيت الحب والأمان والاستقرار، من كان يعيش في أسرة مستقرة فليحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، وليدعُ الله ليلاً ونهاراً أن يحفظ كل فردٍ فيها في صحة وسلامة وعافية دائمة، فالكثير من الأسر اليوم تعيش حالة من التشتت والهجران والتفرقة جعلت بعضهم في وادٍ والآخرين في وديان من البعد والقطيعة والصدود.
«سلموا على أهلكم» عبارة ما أجملها، ووصية ما أثمنها! كثيراً ما نسمعها من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، كلما التقى مجموعات من أبنائه الطلبة داخل الدولة وخارجها، هذه الوصية لا تأتي هكذا «ردود سلام» فقط، وإنما هي وصية مهمة تؤكد قيمة الأهل والأسرة، وهم العضد والسند والظهر الذي يتكئ عليه المرء فيضمن له الأمان والسلام والخير العميم.
إن الحديث عن الأسرة في زمن القطيعة الاجتماعية التي طرأت على مجتمعاتنا يعود للانفتاح التقني الذي يشهده العالم من حولنا، والقرية الواحدة التي جعلت الفرد أهم من الجماعة، وعجّلت بانتشار الأنانية، وصار الأجداد مهجورين يعيشون عزلة قسرية في منازل فارهة مساحاتها «تركض فيها الخيل» لكن صدور من فيها تضيق لأتفه الأسباب، ولا تحتمل اختلافاً، ولا تبحث عن ائتلاف، إنما تلتزم بالابتعاد، وتؤمن بالتخلّي أكثر من إيمانها بالتواصل والتمسك بالأحباب الأقرباء من العين والقلب. إنها ضريبة قاسية ومُرّة تدفعها الأسرة في مجتمعاتنا، وهي بحاجة ماسة إلى جرّاح ماهر يعيد لها حيويتها، وقوتها، وصلابتها.
حين كنت أعمل مستشاراً إعلامياً في مؤسسة التنمية الأسرية وكنّا في كل اجتماع نلتقي فيه أمّنا «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، حفظها الله، كانت سموها تؤكد، وبشكل عميق وباهتمام واضح وكبير، على ضرورة تصميم البرامج الأسرية التي تُعنى بتعزيز مكانة الأسرة في المجتمع، ذلك لأن سموها تؤمن بأن الأسرة هي صمّام أمان المجتمعات، وسرّ نجاحها واستمرار عطاءاتها، وأن قوة أي مجتمع تنبع من قوّة الأسرة وترابطها، وتمسكها بثوابتها الدينية والقيمية والأخلاقية.
من هنا، فإن على كلّ فرد في مجتمعاتنا أن يحافظ على ثوابت أسرته، يصل ولا يقطع، يُحب ولا يكره، ويتمسك ولا يهجر، من أجل مجتمع قوي متماسك ومتلاحم.