نحتاج في حياتنا إلى أن نكون قادرين على إدارة سلوكنا، من أجل تحقيق أهداف مختلفة والانسجام مع الآخرين. وهذا هو ما يعرف بـ"التنظيم الذاتي"، وتبدأ هذه الخاصية في التطور بين سن الثالثة والخامسة.
في مقال نشرته على موقع "كونفرسيشن"، حاولت ناتالي داي، الباحثة في جامعة ولونغونغ الأسترالية، الإجابة على السؤال: ماذا يمكن للوالدين فعله لمساعدة الأطفال على تعلم التنظيم الذاتي؟ ما الذي يجب وما لا يجب فعله؟
تلعب قدرة الطفل على التنظيم الذاتي دورا كبيرا في المشاركة في المدرسة وإحراز التقدم الأكاديمي وتساعدهم على الاستمرار في مهمة أو موقف مّا عندما تكون الأمور صعبة، والحفاظ على التركيز على تحقيق الهدف.
على سبيل المثال، عند ممارسة لعبة مع الأصدقاء، يمكن للطفل، الذي يتمتع بالتنظيم الذاتي، انتظار دوره، والبقاء ضمن القواعد، والاستمرار في اللعب حتى عندما يخسر. كما قد يصبح الطفل، ذو المستويات المنخفضة من التنظيم الذاتي، منزعجًا بسهولة ويظهر الإحباط، وفي بعض الحالات يكون غير منظم.
لا تتأثر القدرة على التنظيم الذاتي بالوراثة فحسب، بل تتأثر أيضًا ببيئة الأطفال وتجاربهم. من هنا، يأتي دور الآباء.
القفز إلى "المساعدة"
يريد الآباء حماية أطفالهم من الصعوبات. لكن في بعض الأحيان، قد تؤدي حماية الأطفال و"مساعدتهم" الزائدة عن الحد إلى إعاقة نموهم.
يواجه الأطفال تحديات طوال الوقت، قد يكون ذلك فتح زجاجة ماء، أو محاولة العثور على لعبة معينة في غرفة نومهم، أو ربط أحذيتهم. كآباء، يمكننا في كثير من الأحيان الإسراع في حل المشكلة على الفور. ولكن من المهم لنمو دماغ الأطفال أن يواجهوا التحديات ويتعاملوا معها. عندما يترك الآباء أطفالهم يواجهون مهمة صعبة، يمكنهم تعلم التفكير بمرونة وإيجاد الحلول والمثابرة نحو الهدف. كما يعلمهم ذلك أنهم يستطيعون التعامل مع الأشياء بأنفسهم.
اقرأ أيضا... نصائح مهمة للآباء في تربية الأبناء
ما الذي يجب على الآباء فعله بدلاً من المساعدة الدائمة؟
هذا لا يعني أنه يجب عليك تجاهل طفلك إذا كان يشعر بحزن شديد وعلق في شجرة، أو سقط وأصاب نفسه بجروح خطيرة.
ولكن هناك العديد من المناسبات الأخرى التي يمكنك فيها الانتظار أو المساعدة بطرق أقل وضوحًا.
على سبيل المثال، إذا كان الطفل يكافح للعثور على قطعة اللغز الصحيحة، فيجب على الآباء الانتظار حتى يطلب الطفل المساعدة أو تظهر عليه علامات الإحباط الواضحة.
إذا كان ذلك ممكنًا، ابدأ فقط باستخدام الكلمات الإرشادية للمساعدة، بدلاً من إنجاز المهمة.
يمكنك تجربة التشجيع والأسئلة والتلميحات والاقتراحات لقيادة طفلك إلى الحل. على سبيل المثال في مسألة حل اللغز: "هل جربت كل القطع حتى الآن؟"، أو ربما بشكل أكثر مباشرة، "ما رأيك أن ننظر إلى الخطوات معًا؟".
هذا النوع من التوجيه يعني أن الطفل لا يزال هو من يحل المشكلة.
تصعيد النهج
إذا كان الطفل لا يزال عاجزا عن القيام بالمطلوب، يمكن للوالدين استخدام أيديهم لتقديم المزيد من التوجيه.
عند إكمال جزء من اللغز، قد يقوم أحد الوالدين بتحريك بعض القطع بالقرب من الطفل لجذب انتباهه إليها.
إذا لزم الأمر، سيكون النهج الأكثر مباشرة هو تحديد القطعة التي يبحث عنها الطفل، وتسليمها له حتى يتمكن من وضعها في مكانها والبقاء نشطًا في إكمال المهمة.
قد لا يضع الطفل القطعة بالطريقة الصحيحة. لذلك، يجب على الوالد العودة إلى استخدام التوجيه اللفظي للتشجيع أو اقتراح قلب القطعة لمعرفة ما إذا كانت مناسبة أم لا.
الشيء الأساسي الذي يجب أن تتذكره هو أن الطفل يجب أن يوجه أسلوبك في مساعدته.
لا تتدخل دون أن يطلب منك ذلك ولا تقدم الدعم الكامل على الفور.
استمر في منح طفلك فرصة العمل بنفسه. واعلم أن طريقته في حل المشكلة قد تكون مختلفة عن طريقتك.