خولة علي (دبي)
تصوير حياة وثقافات الشعوب، فن فوتوغرافي يمزج بين الحس العميق والتفاصيل الدقيقة، ويلقي الضوء على ثراء هذه الثقافات وتنوعها، والتعرف على الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات بصدق وواقعية وسردها بلغة بصرية أكثر عمقاً. وقد استطاعت عدسة المصورة الفوتوغرافية نوير الهاجري أن تنقل التفاصيل للمشاهد من واقع بعض الشعوب، بمميزاته واختلافه، لتوثيق نمط الحياة اليومية بما فيها من أنشطة روتينية تشكل السعي الدؤوب لتوفير القوت، والمستلزمات من الحرف الشعبية، عبر لوحات فنية تعكس الجمال والعمق الإنساني.
تنوع ثقافي
البحث في تراث وثقافات الشعوب عبر عدسة نوير الهاجري يمثل رحلة ملهمة لفهم عمق التنوع الثقافي والاجتماعي، الذي يميز المجتمعات. وتقول: رغم اندثار الكثير من الطقوس والعادات عند بعض الشعوب التي يغلب عليها التحضر، إلا أن المجتمعات البسيطة ما زالت تحافظ على قيمها ومظهرها ونمط حياتها، وتعمل على توثيقها والتعريف بها، من خلال الصورة التي تروي الكثير من الشواهد والقصص عن رحلة استكشاف نمط حياة الشعوب وثقافاتها. وتشير إلى أن تصوير حياة الشعوب ليس مجرد توثيق للحظات عابرة، بل يمثل فناً وعلماً يتجاوز عنصر جمال التصوير إلى التأثير الاجتماعي بكامل تعقيداته، الأمر الذي يعزز الفهم المتبادل والتواصل بين الشعوب.
قضايا اجتماعية
وخصصت الهاجري عدستها لقراءة مشاهد من حياة الناس، ونقلها بشفافية للباحثين والراغبين في فهم تحدياتهم وأفراحهم وأحزانهم بطريقة ملموسة ومؤثرة، مما يساعد في بناء جسور من التفاهم والتعاطف بين الشعوب، وإلقاء الضوء على قضايا اجتماعية مثل الفقر وتأثير التغيرات المناخية، لتصبح الصورة أداة لنشر الوعي وحث المجتمعات على دعم بعضها.
وجعلت الهاجري من عدستها وسيلة لتحويل مشاهد من الحياة اليومية إلى لوحات فنية تعبر عن الجمال والعمق الإنساني في كل مشهد ولقطة انتقتها بطريقة عفوية، تعكس بساطة بعض الشعوب التي ما زالت تمضي في طريقها وفق أسس متوارثة لا يمكن أن تحيد عنها.
تحديات
وتقول الهاجري: التقاط صور لحياة الشعوب يحمل الكثير من التحديات، منها اللغة وصعوبة التواصل، لاسيما بعض القبائل التي تسكن القمم الجبلية، إضافة إلى الطرق الوعرة والخطيرة التي قد تصادف المصور. وأذكر رحلتي الأخيرة إلى كشمير الهندية، ومحاولة الوصول إلى قرية تسمى «أريان» التي يقطن سكانها الجبال الشاهقة، واستغرقت الرحلة أكثر من 4 ساعات بين صعود وهبوط، إلا أن المصور دائماً ما يبحث عن لقطات مميزة، ويحاول جاهداً أن يتغلب عليها ويتعامل معها بصبر وحكمة.
احترام الخصوصية
وترى الهاجري أن المصور لا بد أن يحترم خصوصية الآخرين، الذين لا يرغبون في التصوير، ويجب بناء جسور من الثقة مع الأفراد المحليين والتفاعل معهم بطريقة طبيعية. وهذا ما فعلته الهاجري عندما سافرت إلى عدة دول، منها سلطنة عُمان والمغرب والبحرين والهند والنيبال وكينيا، حيث استطاعت أن تنقل جانباً من حياة هذه الشعوب.
أعمال ملهمة
ومن الأعمال الملهمة التي التقطتها عدسة الهاجري وحققت على أثرها جوائز عالمية، صورة لامرأة في إثيوبيا تروي مشهداً من حياتها، وهي تنتمي لقبيلة «مسا مارا»، وصورة أخرى التقطتها في «المملكة المغربية» بعد وقوع الزلزال الأخير، وكانت بأعلى جبال أطلس حيث نقلت مشهداً يعبر عن معاناة المتضررين من سكان الجبل، الذين تحولت منازلهم إلى ركام، وهناك عمل آخر بعنوان «بابا نائم»، وهذه الصورة التقطتها في مدينة «فارناسي» الهندية، كما سجلت عدستها لوحة أخرى في «كشمير»، حققت عدة جوائز، وهي صورة تظهر مدى علاقة الجدة بحفيدتها، وتتجلى فيها كل مشاعر العطف والحنان.
جوائز وألقاب
من أهم جوائز نوير الهاجري على المستوى المحلي: «جائزة النخلة في عيون العالم عام 2022»، و«مسابقة أبوظبي في عيون الناس 2022». وقد شغلت منصب عضو مجلس إدارة في جمعية الإمارات بين عامي 2022 و2024، فضلاً عن مشاركتها سنوياً في معرض «إكسبوجر». وحازت عشرات الجوائز والألقاب الدولية، من منظمة «أفياب» العالمية، كما نالت نجمتين من الجمعية الأميركية للتصوير الفوتوغرافي، وهي عضوة فيها، وشاركت كمحكِّمة في مسابقة دولية للتصوير الفوتوغرافي.