لكبيرة التونسي (طانطان)
اختتمت أمس فعاليات «الجناح الإماراتي» بـ«موسم طانطان الثقافي 2024»، الذي عُقد تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، خلال الفترة من 26 إلى 30 يونيو الجاري، تحت شعار «20 عاماً من الصون والتنمية البشرية»، وبتنظيم من مؤسسة ألموكار المغربية، حيث شكّل الجناح نافذة على الثقافة والتراث والحضارة الإماراتية، مجسداً بُعدها الإنساني وقرّبها من الجمهور في لوحة بصرية حية.
وتميز جناح الإمارات، بمشاركة «هيئة أبوظبي للتراث»، وبالتعاون مع عدد من المؤسسات المعنية بصون التراث، في موسم «طانطان»، والذي يقام في جنوب الصحراء المغربية، بأهمية خاصة، سواء بالنظر إلى طبيعة المعروضات أو العادات والتقاليد، والمجموعة الواسعة من الأنشطة التفاعلية والمسابقات، أو من ناحية إبراز دور المرأة الإماراتية التي ساهمت في التنمية عبر الصناعات والحرف التي حافظت عليها عبر الزمن ونقلها للأجيال.
فعاليات استثنائية
وأثنى المنظمون والحضور على مشاركة الإمارات في فعاليات هذه الدورة، والتي تميزت بتنوع الأنشطة وغنى الفقرات الثقافية والفنية والرياضية والمبادرات المجتمعية، التي تهدف إلى حماية التراث المعنوي الإماراتي والمحافظة عليه، حيث شاركت الإمارات في تنظيم سباقات الهجن، وقدمت عروضاً تراثية مميزة، بالإضافة إلى إحياء سهرات فنية وموسيقية قدمتها فرقاً محلية ووطنية وعالمية، فيما أشادت مجموعة من المنابر الإعلامية بنسخة «طانطان الثقافي 2024»، وما قدمته من فعاليات استثنائية من أجل الترويج للموروث الإماراتي واستدامته وترسيخه لدى الأجيال ضمن هذا الحدث العالمي الثقافي، الذي يعنى بالتراث الصحراوي باعتباره من روائع التراث الشفهي اللامادي للإنسانية، حيث تم إدراجه ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي العالمي لليونسكو عام 2008.
نجاح باهر
عبدالله بطي القبيسي، مدير إدارة الفعاليات والاتصال بـ«هيئة أبوظبي للتراث»، أكد أهمية «طانطان الثقافي» الذي يُعد من أهم البرامج العالمية التي تستعرض التراث الصحراوي، موضحاً أن الكثير من العناصر الصحراوية الإماراتية والمغربية تتشابه إلى حد كبير على الرغم من بعد المسافات، مشيراً إلى أن الهدف من مشاركة «هيئة أبوظبي للتراث» هو الترويج للتراث والسنع الإماراتي، بجميع مكوناته الغنية، وتعزيز انسجام القيم والعادات والتقاليد والتراث الثقافي المشترك الذي يجمع البلدين الشقيقين، وأشاد بالإقبال الكبير من قبل الجمهور الذي استكشف جانباً من التراث الإماراتي، تجسد في الحرف والصناعات والأهازيج الخاصة بمختلف البيئات الإماراتية ضمن العادات والتقاليد الأصيلة، مثمناً النجاح الباهر الذي حققه سباق الهجن.
وقال القبيسي «شهد الجناح زيارات من قبل العديد من الوفود التي التقت بالمؤسسات المشاركة في هذا الحدث العالمي المسجل عام 2008، ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، والذي يجسد فرصة للتلاقي الثقافي، ومظهرا من مظاهر المحافظة وتعزيز التراث المعنوي الذي يؤصل للتقاليد العريقة التي تتميز بها المجتمعات الصحراوية، في ظل غنى وتنوع التراث الثقافي المعنوي الذي تزخر به.
وأوضح القبيسي أن المرأة الإماراتية شاركت بالعديد من الحرف التراثية التي تبرز مهاراتها، وتعكس دورها في الحفاظ على التراث ونقله للأجيال، وقد لمسنا تشابهاً كبيراً في العناصر التراثية الصحراوية مع اختلاف بعض المسميات التراثية الخاصة بالإبل وبعض المأكولات الشعبية والحرف اليدوية.
استدامة الموروث
تسعى مزاينة الإبل في «طانطان الثقافي» إلى تشجيع مُلاك الإبل المغاربة على الاحتفاظ بتراثهم وإرثهم الثمين، الذي يشكل مصدر فخرهم واعتزازهم، والمساهمة في الحفاظ على هذا الجزء الأساسي من التراث الثقافي وضمان استدامته.
وأكد محمد عبدالله بن عاضد المهيري، مدير مسابقات الإبل بالمهرجان، أن «ميدان زايد لسباقات الهجن»، جرى تدشينه في إقليم طنطان عام 2017، في إطار العلاقات التاريخية المميزة بين البلدين الشقيقين وضمن الجهود المشتركة للحفاظ على التقاليد العربية الأصيلة، وهو أول ميدان لسباقات الهجن في أفريقيا، وجاء دعماً لفئة مربي الإبل بالأقاليم الصحراوية في المملكة المغربية الشقيقة، خاصة وأن هذه الرياضة أصبحت في تطور مستمر وتحظى باهتمام دولي لافت.
مبادرة طبية
من المبادرات المميزة التي تم تنظيمها على هامش «طانطان الثقافي»، قافلة طبية شهدت إجراء عمليات جراحية استفاد منها أكثر من 100 مريض، ضمن مبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات» رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، وعن هذه القافلة، أكد البروفيسور محمد بن مكي، رئيس الجمعية المغربية الطبية للتضامن، أن هذه الوحدات الطبية كانت ضمن الحملة التي أطلقت عام 2007 لجراحة العيون ومحاربة العمى في المغرب، بالتعاون مع سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة والجمعية المغربية الطبية للتضامن، وبالشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن، موضحاً أن هذه الوحدة الطبية المتنقلة وصلت إلى إقليم طانطان ضمن جولتها الميدانية قبل نحو يومين وتضم 10 أطباء من مستشفيات عدة بالمملكة المغربية، وأضاف أن المبادرة تمكنت، منذ انطلاقها عام 2007، من إجراء ما يزيد على 35 ألف عملية جراحية للمرضى من جميع المناطق النائية بالمملكة المغربية، خاصة المصابين بالعمى والمياه الزرقاء، لافتاً إلى أن الوحدات الطبية مزودة بأحدث التجهيزات الضرورية لإجراء الفحوصات والعلاجات والمعدات، فضلاً عن أجهزة خاصة بالتخدير والتنفس الاصطناعي، وأجهزة لجراحة العيون بالأمواج فوق الصوتية.
«مسابقة المحالب»
على هامش «طانطان الثقافي» شهد (ميدان الشيخ زايد لسباقات الهجن)، «مسابقة المحالب» بتنظيم «هيئة أبوظبي للتراث» و«اتحاد الإمارات لسباقات الهجن»، ضمن منافسات كبيرة ووسط مشاركة 136 مالك إبل مغربياً، وهذه المسابقة تنبع من روح تراث أهل الصحراء التي منحت الإبل مكانة مرموقة في الحياة اليومية، إذ يتم اختيار النوق الأكثر إدراراً للحليب، لتشجيع ملاك الإبل على اقتناء السلالات الأصيلة.