لكبيرة التونسي (أبوظبي)
من الحرف والمفردات التقليدية البحرية، تستلهم المصممة الإماراتية زينب البلوكي تصاميم إبداعية لقطع من الديكور والأثاث، اعتزازها بمهن الأجداد دفعها للشغف بالحرف اليدوية، وتكريماً للموروث البحري، تجمع خشب المحامل والسفن القديمة وتصمم منها قطعاً فنية متفردة تروي قصص الماضي ومجد الأجداد وكفاح الأولين، لتأتي إبداعاتها محملة بالمشاعر والأحاسيس، وتؤكد أن الاستدامة تمثل جزءاً رئيساً في عملها، حفاظاً على البيئة ومواردها، مع اهتمام مماثل بصون الموروث بقصصه الإنسانية وذاكرته الجمعية.
ذاكرة الماضي
قالت البلوكي التي تسعى إلى نشر تصاميمها للتذكير بقصص الماضي، إن شغفها بتاريخ الأجداد، بدأ عندما كانت تصمم طاولة مطعمة بالحبال، وعن غير قصد نبشت في ذاكرة والدتها وأيقظتها لتحكي لها عن جدها الذي كان من أبناء البحر وحراس التراث، فقد كان يعمل في الجلافة وصناعة الحبال، وخلال ذلك، لاحظت غزارة الذكريات وانسياب المعلومات أمامها على لسان والدتها، لتعيش لحظات مفعمة بمشاعر الماضي، مما دفعها للبحث أكثر في الموروث البحري خاصة، لتستثمر فيه وتحوله إلى قطع تزين البيوت وتروي حكاياته، عبر المواد المتوافرة في البيئة المحلية لتحولها إلى أيقونة تراثية.
موروث ثقافي
عن البدايات، أوضحت البلوكي التي تقطن أبوظبي، وصاحبة استوديو للتصميم، وخريجة جامعة زايد تخصص تصميم داخلي، أنها في نهاية سنوات الجامعة بدأت تكتشف شغفها بالأشغال والحرف اليدوية، خاصة أعمال النجارة، الأمر الذي عزّز حبها للتاريخ والثقافة والتراث، ودفعها لوضع خبرتها في التصميم بالاستوديو الخاص بها، مؤكدة أنها تُركز على استغلال خشب السفن القديمة المهملة في الموانئ.
وأضافت قائلة «لأن عائلتي تنتمي لأهل البحر كنت شغوفة بالحرف التراثية البحرية ومنها بناء السفن، وقبل عامين صممت طاولة مطعمة بالحبال، ما فجر قصصاً كثيرة عن جدي على لسان والدتي التي تختزن ذاكرتها مشاهداً من كنوز الماضي، بعدما لاحظت شغفي فحفزت بداخلي حب صون الموروث، ثم قررت العمل أكثر على تصميم قطع أخرى مستوحاة من الماضي وتصلح للحاضر والمستقبل، خاصة السفن القديمة التي أروي عبرها قصصاً عن البحر وأهل الساحل، حيث تُعبر كل قطعة بها عن فكرة وقصة جديدة.
خشب السفن
عن ما يميز الخشب المستعمل بالسفن القديمة التي يتجاوز عمرها 120 سنة، قالت إنه من أقوى أنواع الخشب حيث يتميز بصلابته ليتحمل الأسفار الطويلة وعوامل الرطوبة والماء؛ ولأن هذا النوع من السفن قد انقرض، فإنني دائمة البحث عنه في المزارع والموانئ، والتحدي الكبير يكمن في جمع كميات كبيرة منه وإعادة تأهيله، وعن مشاركتها في المهرجانات والمعارض، أكدت أنها فرصة لتسويق إبداعاتها وأفكارها، وتأسيس حوار بين مختلف شرائح المجتمع من العارضين والزوار.
الماضي والحاضر
وعن مشروعها، أوضحت البلوكي أنه يمثل استوديو للتصميم الداخلي والأثاث، يقوم على دمج الحاضر بالماضي، والربط بين التراث والطابع المعاصر في تصميمات فريدة تختلف عن الأثاث الشائع بالسوق، وهي تهدف إلى أن نشر هذه التصاميم في كل بيت حتى تظل القصص التي تحملها حاضرة في المجتمع، وتنتقل من جيل إلى آخر، وهو ما يعبر عن مفهوم استدامة التراث، مؤكدة أن بعض هذه القطع تقوم بتنفيذها بنفسها ضمن ورشتها، والبعض الآخر تنجزه بورش أخرى، وأشارت إلى أنها فخورة كونها واحدة من المبتكرين والمدربين الذي يسهمون في بلورة الأفكار المستدامة وتطورها، الأمر الذي يدعم شغفها ويرسخ إبداعاتها وينقلها للعالمية.
طاولة للقهوة
تهتم زينب البلوكي، بالاستخدام المستدام للموارد الطبيعية في دولة الإمارات، ففي مشروعها «كمبار»، وهو مسمى يطلق على الحبال الغليظة المستخدمة في صناعة السفن، أنجزت طاولة جانبية للقهوة مصنوعة من خشب السفن، لإحياء قصص من الموروث الثقافي، وترسيخها في كل بيت إماراتي.