لكبيرة التونسي (أبوظبي)
«الأسرة الممتدة» صمام أمان نفسي، وناقلة للقيم والاستقرار، ومرسخة للعادات والتقاليد، مما ينعكس على المجتمع، هذا ما أكده مجموعة من الخبراء الذين نادوا بأهمية «الأسرة الممتدة» كداعم لاستقراء المجتمع ونهضته، احتفاءً بـ«اليوم الدولي للأسرة» الذي يصادف 15 مايو من كل عام، مؤكدين أنها تسهم في تعزيز الهوية، وترسيخ القيم والحفاظ على الموروث والثقافة التي تنتقل عبر الأجيال، وتعزز الروابط الأسرية وترسّخ القيم النبيلة، التي تسهم في بناء هوية قوية ومتماسكة لأفراد الأسرة الواحدة، من الأجداد إلى الآباء.
قيم وأخلاق
قالت مروة راشد القبيسي، رئيسة جمعية الإمارات للمنتسوري: الأسرة الممتدة تلعب دوراً حيوياً في دعم الاستقرار النفسي للأطفال، وتوفر بيئة آمنة وداعمة تساعدهم على التطور والنمو الصحيح، مؤكدة ضرورة تخصيص الوقت للتواصل العائلي المنتظم والمشاركة في الأنشطة، لافتة إلى أن الأسرة الممتدة تعزز القيم والأخلاق والإبداع، وتلعب دوراً مهماً في تطوير مهارات الأطفال العاطفية والاجتماعية، من خلال تقديم نماذج إيجابية للسلوك والتعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى توفير بيئة محفزة تشجع على التعلم والاكتشاف، لذلك فإن العلاقات الوثيقة داخل الأسرة الممتدة تساهم في نقل القيم والأخلاق من جيل إلى آخر، وتشجّع الأطفال على التفكير النقدي وتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم المستقبلية، وعن تجربتها الشخصية أوضحت أن علاقة أولادها مع أجدادهم كانت علاقة وطيدة للغاية، وكانوا يتعلمون منهم العادات والتقاليد والثقافة العربية والإسلامية والعطاء والمحبة.
خبرات الحياة
بدورها، أوردت وديمة الأحبابي، أم لأطفال متميزين في الزراعة، أن ارتباط الأطفال بأجدادهم يمدهم بخبرات الحياة، ويزيد من تقديرهم للنعم الحياتية، ويجعلهم أكثر ارتباطاً بالعادات والتقاليد، لاسيما أن النصيحة إذا جاءت من هذه الفئة الكريمة يتقبلها الأطفال بحب وصدر رحب، كما أن الأجداد، يتعاملون مع الأحفاد من دون ضغوط أو مسؤولية، حيث ينصحونهم بطرق غير مباشرة عن طريق الحكايات أو سرد القصص المسلية.
دعم مستدام
نظراً لأهمية الأسرة الممتدة ينادي عبدالله المازم، رئيس قسم الاستشارات الأسرية في مؤسسة التنمية الأسرية، بضرورة دعم أركانها لما لها من أهمية، قائلاً: «قد تكون لها فوائد عدة، خاصة في مجتمعاتنا الحديثة التي قد تشهد تفككاً للعلاقات الأسرية نتيجة العادات الدخيلة التي تؤثر بشكل كبير على المجتمع، فهي توفر شبكة دعم قوية ومستدامة، وتعزز الشعور بالانتماء والتضامن والدعم المتبادل بين أفراد الأسرة، موضحاً أن الاستفادة من خبرات الأجداد في التربية وحماية الأطفال يمكن تحقيقه عبر تعزيز التواصل والتفاعل الأسري، سواء كان عبر الزيارات الشخصية أو استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، لتشجيع الأجيال على تبادل الخبرات والمعرفة فيما يتعلق بالتربية والتعليم والثقافة، حيث يمكن للأجداد تقديم نصائح قيمة استناداً إلى تجاربهم وخبراتهم الحياتية، كما يمكن تنظيم فعاليات وأنشطة أسرية مختلفة، مثل النزهات، والأعياد، والاحتفالات لتعزيز الروابط والتواصل بين الأجيال، سواء من خلال أنشطة تعليمية أو تقديم الدعم العاطفي والمعنوي لهم، ومن خلال تطبيق هذه الخطوات، يمكننا أن نقوم بتعزيز دور الأسرة الممتدة، والاستفادة المثلى من خبرات الأجداد في تربية الأطفال وحمايتهم».
برامج هادفة
عن البرامج الهادفة التي تقدمها مؤسسة التنمية الأسرية، أورد المازم: «تقدم المؤسسة العديد من البرامج والخدمات الاجتماعية التي تدعم الأسرة الممتدة، من خلال البرامج والخدمات المختلفة، ومنها خدمة طلب الالتحاق بورشة التأهيل الرقمي، والتي تعمل على بناء قدرات كبار السن في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرقمية لمواكبة التطورات والاندماج المجتمعي الكامل، وأيضاً خدمة طلب المساندة الاجتماعية لكبار المواطنين والمقيمين والتي توفر الدعم والمساندة الوجدانية والاجتماعية والمعرفية، والتواصل الدائم مع كبار المواطنين لتحسين نوعية حياتهم وفق احتياجاتهم ومتطلباتهم الفعلية في بيئتهم الاجتماعية داخل نطاق أسرهم، إضافة إلى خدمة طلب عضوية مجلس الحكماء الذي يوفر فرص مشاركة اجتماعية لكبار السن في الأنشطة المجتمعية والتطوعية، حسب إمكاناتهم وقدراتهم، فضلاً عن خدمة طلب الالتحاق في ورشة التوازن بين الأسرة والعمل لاكتساب المهارات اللازمة، وأخيراً خدمة طلب الاستشارة والرعاية الاجتماعية».
غرس القيم
شيخة الزحمي، اختصاصية علاقات أسرية في مؤسسة التنمية الأسرية، تعتبر الأسرة الممتدة عاملاً قوياً في التأثير على الصحة النفسية لأفرادها، حيث إن كبير العائلة يمثل قدوة للأحفاد ويعتبر مصدراً لطلب المشورة وحلقة وصل بين الماضي والحاضر، ويسهم في زرع القيم والعادات الأصيلة في نفوس الصغار، والتي تؤثر إيجابياً على بناء منظومة أسرية صحية وسليمة، وتعتبر الأسرة الممتدة مكملة لحياة الوالدين.
صحة نفسية
عبدالله المازم، رئيس قسم الاستشارات الأسرية في مؤسسة التنمية الأسرية، قال: «إن الأسرة الممتدة تلعب دوراً مهماً في تعزيز الصحة النفسية، من خلال توفير بيئة داعمة ومليئة بالمشاعر الإيجابية والتفاهم، حيث يشعر الأفراد بالانتماء إلى شبكة أسرية واسعة، تمكنهم من التحدث عن مشاكلهم ومخاوفهم بثقة، ويمكن لأفراد الأسرة الممتدة تقديم الدعم العاطفي والنفسي عند الحاجة، كما أنها تسهم في تقليل مستويات الضغط والقلق، وتعزّز الشعور بالاستقرار العاطفي والنفسي».
عادات دخيلة
قالت شيخة الزحمي: «نحن بحاجة إلى عودة الأسرة الممتدة، للحفاظ على أصالة المجتمع، وترسيخ القيم الصحيحة للأسرة، خصوصاً في ظل الانفتاح والاختلاط، وانتشار عادات دخيلة على الأسرة والمجتمع، كما تساهم في اكتساب الأبناء مهارة التعامل مع مختلف الشخصيات والأعمار والتعايش معها؛ لذا يجب الاستفادة من مميزاتها وأهدافها، فهي أساس تربية الأبناء على القيم وغرسها بداخل نفوسهم، بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم اللازمة في الحياة، سواء من الجانب السلوكي أو الفكري».