محمد نجيم (الرباط)
لا يُذكر اسم مدينة «شفشاون» إلا وتذكر معها فرقة «الحضرة الشفشاونية» أو«الحضرة الشاوينية» نسبة للمدينة التي انطلق منها هذا الفن العريق واشتهرت به، وشفشاون أو الشاون، هي فرقة موسيقية مكونة بالكامل من النساء من مختلف الأعمار، يرتدين زياً جميلاً موحداً مستوحى من تصاميم الملابس المغربية الأصيلة، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من أربعة قرون، كما أن فرقة «الحضرة الشفشاونية» هي الوحيدة من نوعها في الوطن العربي التي تعيد الاعتبار لزي المرأة المغربية بجماليته وعراقة تاريخه، والذي يتناغم مع ما تقدمه فرقة «الحضرة الشفشاونية» من أغان صوفية نابعة من التراث المغربي والأندلسي.
غناء صوفي
تقول أرحوم البقالي، رئيسة ومؤسسة فرقة الحضرة الشفشاونية، إن فرقتها التي تقدم سهراتها خلال ليالي رمضان والمناسبات الدينية، تأسست عام 2004، لتكون أول فرقة نسائية تعنى بالحفاظ واستدعاء الطرب والغناء الصوفي المغربي، لإحيائه وتجديده وليتلاءم مع العصر دون الإخلال بمرتكزاته وأسسه وتقاليده، موضحة أن فرقتها هي الوحيدة في المغرب التي استطاعت أن تشارك في عدد من المهرجانات والمحافل الدولية، من بينها الإمارات، لتقديم تراث المغرب وأصالة تاريخه وما يحفل به من كنوز بديعة من الأشعار والأمداح النبوية والقصائد الصوفية، التي تطرب القلب وتدخل الفرح إلى النفوس.
حالة روحية
أما الباحثة والأستاذة الجامعية فاطنة بوشمال، فتقول: إن فن الحضرة مرادف لمدينة شفشاون وأسوارها وبيوتها الزرقاء، وأن مصطلح «الحضرة» هو لفظ صوفي مشتق من الحضور الذي يراد به إدراك حالة روحية ونفسية يعيشها المتصوفة تقرباً إلى الله تعالى، كما يراد به أيضاً اجتماع أهل الطريقة الصوفية للذكر والسماع، مؤكدة أن «الحضرة» تعني بهذا المفهوم أقوال وحركات وأحوال، وأقوال الحضرة هي من الشعر الموزون أو الشعر الملحون، إضافة إلى بعض الأذكار والابتهالات، مع ترديد بعض الآيات الكريمة.
إلى العالمية
وترى الباحثة فاطنة بوشمال، أن النساء اللواتي يقدمن فن الحضرة، قبل عقود من الزمن، لم يكن طموحهن الشهرة أو الربح المادي، بل كن يقدمن «الحضرة الشفشاونية» في زوايا المدينة وبيوتها القديمة بدافع ديني، قبل أن يأتي الجيل الجديد من الفتيات ويخترن الخروج بفنهن وإنشادهن الصوفي وآلاتهن إلى المسارح، ويشاركن في المهرجانات والحفلات العامة، محلياً وعربياً وعالمياً، لتقديم تراث مغربي أصيل ضارب في القدم، وهذا ما جعل «الحضرة الشفشاونية» تصل شهرتها إلى مناطق متفرقة من العالم.
طقوس «الحضرة»
أوضحت الباحثة والأستاذة الجامعية فاطنة بوشمال، قائلة: «كانت النساء تلتقي بصفة أسبوعية للقيام بطقوس الحضرة بين صلاتي العصر والمغرب، كل يوم جمعة، حيث تشكلت أولى الفرق النسائية بالزوايا، وشرعت في تنشيط حفلات المولد النبوي والعودة من الحج والعقيقة وغيرها من الحفلات الخاصة.