عبد الله أبوضيف (القاهرة)
بارتفاع 43 متراً تظهر مئذنة عملاقة مع كل خطوة لزوار مدينة كوكيمبو في تشيلي، كلما ابتعدوا عن البحر واقتربوا من قلب المدينة الساحلية. وهي علامة مميزة لمسجد كوكيمبو المعروف أيضاً باسم مسجد الملك محمد السادس. يعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 2004 إثر زيارة ملك المغرب محمد السادس حينئذ للمدينة، وقرر خلالها المشاركة وتقديم الدعم المالي اللازم لإنشاء مسجد هناك، ليكون منارة للعلم ومركزاً لنشر الإسلام والتعريف بتعاليمه. تبلغ مساحة المسجد الإجمالية 722 متراً، ويضم غرفتين للصلاة ومركزاً ثقافياً ومتحفاً ومكتبة، وتم الانتهاء من أشغال بنائه في يونيو عام 2006، وفُتحت أبوابه في مارس عام 2007، حسب الموقع الرسمي للمسجد.
طراز مغربي
للوهلة الأولى التي يرى فيها الزائر المسجد، يعتقد أنه أمام مسجد الكتيبة بمراكش، للتشابه الكبير بين المسجدين، ويعود التشابه إلى بنائه على أيدي حرفيين ومهندسين مغاربة، أما أشهر ما يميزه أن مئذنته هي ثاني أعلى مبنى في المدينة، ويحتاج الوصول إلى قمتها صعود 177 درجة. ويقول الباحث في التراث الإسلامي هادف سالم، إن البصمة المغربية تتجسد بشكل واضح في النقوش والزخارف الملونة وقطع الفسيفساء المصنوعة يدوياً، وفيه منبر مصنوع من خشب الصنوبر المغربي، ونجف مرصع بالكرستال الخالص يصدر إضاءة تكفي لإنارة المكان بالكامل. أما السجاد والمصابيح والخزف فمستوحاة أيضاً من التراث المغربي. كما أن بعض ملامح الثقافة التشيلية تظهر في معمار مسجد كوكيمبو بقبته وأبوابه ونوافذه والنقوش التقليدية الخاصة بالمدينة، وباستخدام مواد بناء تُعرف بها المنطقة المحلية، ما يعكس مزيجاً تراثياً يمزج بين حضارة المغرب وتشيلي.
منارة إسلامية
لا تقتصر أنشطة المسجد على الصلاة والعبادات، إنما تحوّل إلى مركز إسلامي للتعريف بتعاليم الدين المعتدل بين سكان المدينة البالغ عددهم 18 مليون نسمة، كما أنه أصبح بمثابة مزار لمشاهدة معماره الفريد. ويتحوّل المسجد في شهر رمضان الفضيل إلى مركز تجمّع للمسلمين بالمدينة، فتقصده العائلات لصلاة التراويح، ويتكرر المشهد يوم الجمعة من كل أسبوع طوال العام، كما تحوّل إلى منصة للباحثين والدارسين والسياح من مختلف أنحاء العالم.