خولة علي (دبي)
يحمل الخبز قيمة ثقافية واجتماعية عميقة في المجتمعات، نستعيد برائحته الذكريات ومشهد الجدات يفترشن الأرض لطحن الحبوب بالرُحى وتحضير دقيق القمح وعجنه لإعداد الخبز، في عمل يحمل الكثير من التعب، الذي سرعان ما يتبدد مع رائحة الخبز التي تفوح من التنور ليجتمع أفراد العائلة حول سفرة رمضان بانسجام ومحبة لتناول الطعام.
قيمة كبيرة
للخبز قيمة كبيرة في حياة الشعوب قاطبة، فهو مصدر رئيس للغذاء، ولا تخلو سفرة منه، ويتنوع من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى من حيث تحضيره. فنرى خبز الرقاق و«الوقافي» بالأفران المحلية، وأُطلق عليه هذا المسمى كون الخباز يقوم بخبزه واقفاً، و«العيش» البلدي في مصر يتألف من دقيق القمح لما فيه من قيمة غذائية عالية وخفيف على المعدة ويتم تحضيره بالطرق التقليدية اليدوية، وهناك خبز «الصاج» في بلاد الشام، والخبز العربي أو اللبناني. وتعمل المخابز على قدم وساق في رمضان، نظراً للإقبال الشديد على الخبز في الشهر الفضيل، باعتباره ضيفاً دائماً على المائدة الرمضانية.
طازج وساخن
قال ميشيل مينا، صاحب أحد المخابز، إنه عادة ما تبدأ الأفران عملها في رمضان بعد أذان العصر وحتى الإفطار، ثم ليلاً وحتى قبل السحور، نتيجة تزايد الإقبال عليه وطلبه طازجاً وساخناً. وأضاف أن السُفرة لا تكتمل من دون «لفة خبز» وهذا يعود إلى ثقافة كل مجتمع، فنجد الخبز في الكثير من المجتمعات عنصراً أساسياً إلى جانب أي طبق أو وجبة، ليبقى سيد الموائد.
خبز «السفاع»
بعض البيوت مازالت تحافظ على التنور التقليدي، حيث تؤكد الوالدة شيخة راشد على أهمية الخبز الذي يتم تناوله بشكل يومي، خصوصاً في رمضان، ومنه خبز «السفاع» المعروف بخبز المناسبات الاجتماعية. ويتألف من دقيق البر والماء والملح، وتشكَّل به عجينة متوسطة الليونة، ثم تُترك لفترة وتُخبز في التنور الذي يتم إشعاله بحطب السمر. والتنور لا تخلو منه البيوت، رغم وجود الأفران الحديثة، وقد اعتادت الأمهات قديماً على تحضير الخبز للعائلة، لكن في الوقت الحالي ومع انتشار المخابز يلجأ الناس إلى شراء الخبز الجاهز لتوفير الوقت والجهد. وتبقى للخبز التقليدي قيمته، حيث نسترجع من خلاله ذكريات ومذاقات الماضي.
«الثريد»
لا تخلو المائدة الرمضانية الإماراتية من أكلة «الثريد» التي تُعتبر من الوجبات التقليدية الشعبية، وتمثل جانباً من التراث. ومن مكوناته خبز الرقاق أو خبز التنور، ومرقة اللحم أو الدجاج، وبدون الخبز لا تكتمل لذة هذه الوجبة.