عدد اليوم
رئة أولى..
ذات صباح يوم سبت هذا العام، وجدتني أقف أمام منزل صديقي وأستاذي «جمعة الفيروز» رحمه الله، أطرق باب خياله ويفتح لي الازدحام أمام باب منزله، أتذكر هذا العزيز الذي لا يغيب عن البال، أستعيد صوته في داخلي وما أوصاني به حين قال الكتابة جسدك القوي، تدفع الحب في اتجاهك، رغم ما ستواجه من آلام وسعادة استمر، الكلمة مسؤولية، وحدث يمكنك أن تستند عليها، الكتابة تشبه العمود الفقري حنان ومشاعر، اندفع إلى قلمك، اكتب مليون مرة، أنا موجود وقوي وهذه أفكاري.
من أمام المنزل سعادته وأيامه، مالكٌ وهو ملك له لن يشاركه أحد أو يقسو عليه المؤجر، ويعتب الجيران لأن صوت الكتابة عنده عالٍ، إنه أبو سالم جمعة الفيروز الحاضر الغائب، رحل عنّا في 19 فبراير 2001، الذي لم يذهب إلى كراسي اللهفة والتقدم في الأمسيات، إنه صديق الحياة صديق الجميع، أتذكره حين قال اكتب الشعر والقصة، واقصص رؤيتك على الجميع، اكتب الحياة واختر العناوين بكل تواضع، خذها من رؤيتك الخاصة، أمام منزله في «الظيت الجنوبي» وجدتني أمام الموسيقى واللحن والخطاط ومسرح خياله «جمعة الفيروز».
رئة ثانية..
بكل هدوئه الآن وفي اليوم نفسه وليس ببعيد عن منزل جمعة الفيروز، منزل إبراهيم «ولد خالتي»، الذي منحني الدافع للقراءة والاستفادة، يقول اقرأ وخذ ثقافتك وامنح قلبك الخطاب، اذهب للتعبير عن ما في خاطرك تعطيك الحياة ماءها، وتدفع إلى رئتك الهواء النقي، شكِّل لحظة حاسمة في اختيارك للكتابة وكن يقظاً، وحين يشتري لي كتاباً يسأل هل هو مناسب لذائقتك «ياله من كثير في عطائه وحديثه، النور لولد خالتي إبراهيم رحمه الله، الراحل في 28 أبريل 2020.
إلى إبراهيم:
«وحدك من فتح بابين للغرفة / كي لا تزدحم رئتك وتسعل/ قلبك أجمل/ ابسط راحة يدك/ تستقر نفسك»...
رئة ثالثة شجرة..
«في حديقة قريبة من الرئتين/ آنست ذلك/ دخلت معها الرضا/ غرستها / كي ألزم الناس بالدعاء/ الشجرة التي باسمك/ يغمرها المطر/ الأدعية/ الأمنيات/ ليميزك الله/ وتكوني الظل/ وأجمل شجرة نخل في حديقة»..
تستطيع أن ترى كل ما في قلبك وتأخذك الخطوات إلى ذلك، حرك مؤشر البحث بعفوية تجدك أمام الباب نافذتين، فقط لا تسير من دون الأبيض الجميل في النفس، لا تسير وحدك من دون النظرة اللطيفة.
