أحمد عاطف (القاهرة)
مسجد لشبونة، أو المركز الإسلامي الثقافي في لشبونة، يُعتبر واحداً من أهم المعالم الدينية والثقافية للمسلمين في البرتغال، وأحد أجمل المساجد في أوروبا، وأول مسجد بُني في البرتغال بعد قرون من غياب الإسلام عن البلاد.
قصة بناء مسجد لشبونة مثيرة للاهتمام، فمع وجود جالية مسلمة متنامية في البرتغال، بدأت المطالبات في ستينيات القرن الماضي بإنشاء مسجد، ومع مرور الوقت نمت مشاعر التسامح والتفاهم بين البرتغاليين والمسلمين، ما أدى إلى موافقة الحكومة على بنائه في عام 1979، وتم وضع حجر الأساس له في العام نفسه، وافتُتح رسمياً عام 1985.
تصميم المسجد
تصميم مسجد لشبونة نموذج فريد للعمارة الإسلامية المعاصرة، فهو يجمع بين العناصر المعمارية البرتغالية التقليدية والزخرفة الإسلامية، ما يُضفي عليه مظهراً متميزاً، ويضم المسجد مئذنة شاهقة و3 قباب بأحجام مختلفة وقاعة واسعة للصلاة، بالإضافة إلى مكتبة ومدرسة لتعليم اللغة العربية وتعاليم الدين.
يستقبل المسجد زواره ببوابة رئيسة ذات تصميم مميز من الرخام الأزرق والآيات القرآنية والنقوش الإسلامية القديمة، والمحراب بطراز معماري نادر برخام متدرج الألوان، بين الأزرق والأخضر، وكتابات بالخطوط الإسلامية وأخشاب الأرابيسك التقليدية، أما الجدران الخارجية والداخلية فتحمل لون الطوب الأحمر.
وفي الساحة الداخلية للمسجد توجد مجموعة من الأعمدة الرخامية التي تحمل أنصاف قباب باللون الأزرق، وتطل على الساحة عدة نوافذ خشبية بفن الأرابيسك، كما يضم قطعة أثرية نادرة من كسوة الكعبة المشرفة أهدتها السعودية إلى المسجد وترمز إلى الروابط الدينية والثقافية مع المسلمين في البرتغال، وهي تذكار لهم بجذورهم الدينية وتاريخهم العريق.
جسر تواصل
مسجد لشبونة ليس فقط مكاناً للعبادة، فهو مركز ثقافي واجتماعي بارز للمسلمين في البرتغال، حيث يشهد العديد من الأنشطة الدينية والثقافية والتعليمية، مثل الدراسات والمحاضرات وورش العمل، والتي تؤدي دوراً رئيساً في نشر الثقافة والتعريف بالقيم الإسلامية.
وبالرغم من أن المسجد يواجه بعض التحديات، مثل تزايد عدد المصلين وضيق المساحة، وقلة المتخصصين باللغة البرتغالية، إلا أنه يشكّل جسراً ثقافياً بين الحضارتين العربية والغربية، ومصدراً للتعايش والتسامح والتواصل بين المسلمين وسوام في البرتغال.
وفي رمضان والعيدين، يشهد المسجد مظاهر الاحتفال، حيث يتجمع المسلمون لإقامة الشعائر مثل صلاة التراويح والإفطار الجماعي، وتوزيع الهدايا على الأطفال في العيد.