خولة علي (دبي)
تمثل صناعة الفخار جزءاً مهماً من التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، وتعكس نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية قديماً، فلم تكن المنازل تخلو من الأواني الفخارية، كجزء من متطلبات حياتهم، أما الحرفيون فكانوا يعتمدون على الموارد المحلية البسيطة لاستغلالها بشكل فعال في حياتهم اليومية، وإبداع منتجات مختلفة من الفخار، لإضافة نوع من الحيوية على البيوت. ولا تزال صناعة الفخار مستمرة ومتوارثة من جيل إلى جيل، هذا ما أكده صانع الفخار سعيد الشحي، وهو يمارس مهنة آبائه وأجداده، ويحرص على الحفاظ عليها واستدامتها في ظل الحياة العصرية.
مهنة متوارثة
بكل دقة وصبر، يشكل سعيد الشحي كتلة من الطين على دولاب يدوي، محولاً إياه إلى قطع من المنتجات التقليدية مسترجعاً ذكرياته مع بدايات تعلّم هذه الحرفة على يد والده من خلال مراقبته ومتابعته وتقليده، وهو يشكل أوعية من الفخار والمداخن والكثير من القطع التي كانت تلبي احتياجات البيوت.
وانتقل من مرحلة اللهو بالطين إلى شغف ممارسة صناعة الفخار، والعمل على تطوير مهاراته، بما يتماشى مع متطلبات السوق في الوقت الحالي.
جهد وصبر ودقة
وأشار الشحي، إلى أن صناعة الفخار من الحرف التقليدية التي تحتاج إلى جهد وصبر ودقة، من لحظة البحث عن الطين من رؤوس الجبال، مروراً بطحنه ونخله وخلطه بالماء لتحويله إلى عجينة طينية يمكن تشكيلها، ثم يتم حرق القطعة لتكتسب قوة ومتانة ولتكون صالحة للاستخدام، وقد يلجأ البعض لتزيينها بإضافة النقوش والطلاء عليها. ومن أصناف الفخار القديمة في الإمارات، «الخرس»، ويُستخدم في تخزين التمر والماء والشعير والقمح، أما «اليحلة» فكانت تُستخدم في الماضي لنقل الماء من الطوي أو الأبار، و«الحب» الخاص بشرب الماء، «والقدر» لطهي الطعام، وسواها الكثير من الأصناف الأخرى التي كانت تنتشر في البيوت البسيطة.
استدامة
أوضح الشحي، أن قطع الفخار لا تزال تلقى رواجاً بين المستهلكين الباحثين عن القطع التراثية التقليدية المميزة والمختلفة في الشكل، والتي تعكس مرحلة مهمة من تراث وثقافة أهل المنطقة، وهذه القطع منتشرة في عدد من الأسواق الشعبية المحلية، مثل سوق الجمعة على طريق الفجيرة، كما تتواجد أيضاً في المعارض، مشيراً إلى أن هذه الحرفة تعكس تراثاً ثقافياً وفنياً يجب صونه واستدامته.
مصدر دخل
يسعى الشحي إلى تدريب النشء على صناعة الفخار من خلال مشاركاته في المهرجانات التراثية، رغبة منه في الحفاظ عليها باعتبارها إرثاً غنياً يحمل في طياته محطات مهمة من تاريخ وتراث المنطقة، موضحاً أن صناعة الفخار يمكن أن تكون مصدر دخل للعديد من الأسر في المجتمع المحلي، بعدما تطورت أشكالها وخاماتها باستخدام الطين المحلي والمستورد. ويبقى للقديم رونقه وأصالته وتميزه عن المنتجات الأخرى.