الخميس 21 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«سف الخوص».. إبداعات علّمتنا الصبر

شيخة الوالي النقبي تحرص على تنشئة جيل مُحب للتراث (تصوير: إحسان ناجي)
14 مارس 2024 02:52

خولة علي (دبي)
«سف الخوص»، من الحرف التراثية التي شكّلت جزءاً من حياة المرأة قديماً، رسمت جانباً من اهتماماتها في تلبية شؤون بيتها ومجتمعها البسيط، فقد عكفت على تطويع خوص النخيل وتشكيله، لتنسج منه أدوات تلبي احتياجاتها وتعينها على ممارسة حياتها اليومية في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، لكن دائماً تبقى الحاجة أم المعجزات، وتجعل المرء في يسعى لابتكار وسائل تخدم واقعه وتسهل عليه الحياة.
وعادة ما تبدأ عملية سف الخوص بجمع سعف النخيل، بواسطة الرجل في بعض الأحيان، ثم تعمل المرأة على عملية فرزه واختيار الجيد منه، ثم يُنقع في الماء حتى تقل خشونته ويسهل تشكيله وفقا للتصميم المطلوب تنفيذه، وهذه الحرفة التراثية ما زالت تحظى باهتمام مجتمعي، لربط الجيل الجديد بتراثه، غرس بذور هذا التراث عبر أنشطة وبرامج تفاعلية تسهم في بناء جيل أكثر وعياً بثقافته وتراثه الذي هو جزء من هويتهم. 

صون التراث
ومن بين الباحثين والمهتمين بالتراث، ممن سخّروا جهودهم لتأسيس جيل محب للتراث، شيخة النقبي الوالي، من سكان دفتا التابعة لإمارة رأس الخيمة، والتي جبلت على تعلم الحرف التراثية من والدتها، حتى أسست لها قرية تراثية تجسد نمط حياة الأهالي قديماً في مختلف البيئات الساحلية والجبلية وأيضاً الزراعية بكافة تفاصيلها، وهي حريصة على تفعيل دورها ومسؤوليتها في صون هذا التراث ونقله للأجيال وتعليمهم بالحرف التقليدية التي ما زالت متداولة، لحفظ الموروث ونقله للأجيال. 

مزارع النخيل
وتقول الوالي: كنت أراقب والدتي عن كثب، وتعلمت على يديها الكثير من الحرف التراثية، ومنها حرفة سف الخوص، التي تمارسه النسوة بكثرة في المناطق الزراعية نظراً لانتشار مزارع النخيل، والتي يكثر فيها الخوص الذي يتخلص منه المزارعون أثناء عملية تقليم وتشذيب وتنظيف النخيل، وإزالة الأفرع اليابسة، لتقوى النخلة وتمد طولها، وبذلك يتوفر الخوص ويتم جلبه للمرأة التي تعمل على فرزه وأخذ الصالح منه لتجفيفه وتقطيعه وغسله، كما يمكن صبغ السعف بطرق طبيعية وألوان مختلفة مثل الأرجواني والأخضر والأحمر قبل عملية النسج والتشكيل. 

مستلزمات منزلية
وتضيف الوالي: نصنع بخوص النخيل الكثير من المستلزمات المنزلية، من حصير، وسرود، وسلال أو جفير، كما يطلق عليه محلياً، وأيضاً «المهفة» أي المروحة اليدوية، التي لا تخلو منها المنازل في فصل الصيف مع موجات الحرارة العالية، لاستخدامها في تلطيف الأجواء، وأيضاً «المكبة» التي تستخدم لحفظ الطعام من الحشرات وغيرها، والكثير من المنتجات التي صنعت من حرفة سف الخوص، والتي ما زالت تُمارس حتى اليوم، لتعريف الجيل الحالي بأهميتها، وتعلم مهارتها وتطوير أفكارها لتلائم نمط الحياة العصرية، مع الحفاظ على أصالتها. 

عودة إلى الماضي
وتؤكد الوالي أن الجيل الحالي أصبح أكثر وعياً بالتراث في ظل تنظيم الكثير من المهرجانات التراثية، وأيضاً المناسبات الوطنية التي كشفت عن رغبة الجيل الحالي في العودة إلى الماضي للتعرف على تفاصيله وأسراره، والاحتفاء به في مختلف المناسبات، فالتراث جزء من تاريخ الإنسان وهويته، الذي يتميز به عن غيره من الشعوب، والثقافات الأخرى. 

مهارة الحرفيين
تلفت شيخة الوالي إلى أن سف الخوص، تُعد واحدة من الحرف التراثية التي تظهر مدى مهارة الحرفيين منذ القدم، في الاستفادة من خامات البيئة المحلية، وصناعة منتجات تسهم في تحسين جودة حياتهم، وأنا أسعى من خلال الكثير من البرامج والفعاليات التراثية التي أنظمها من حين لآخر لتعريف الأجيال بتراث أجدادهم المادي، الذي هو جزء من ثقافتهم وتاريخهم، ليبقى في القلوب ويدوّن في العقول.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©