من القلب..
قد تتغير الظروف والناس ويتبدل الحال وتتقدم المجتمعات من وإلى، ويبقى الأصيل النادر الذي يسعى دون مقابل وحاجة يريدها، تتبدل الأمكنة ويتغير الساكنون وتضيق السكة والممشى، وتظل الأنفس في سعة، وتبقى خطوات الواثق يسير دون خطأ، أمام منطقة في رأس الخيمة «سيح الحرف»، استوقفني ثراء هذه المنطقة التاريخية التي «تحتضن العديد من الآثار والمقابر والمنازل الصامدة أمام الريح» وثبوت الشجر من حولها وتناسق وقوفها، «سبحان ربي العظيم» الذي وهب هذه المنطقة ذاكرة حفظ وثبات، وأعطى الشجر العطاء والدفء والظل، وذلل المعنى في صدرها، ووضع النافع فيها والنِعمٍ الكثيرة، تأخذنا الحياة للحداثة ويظل الحنين إلى المنزل القديم وخبز الأم وصوت الجارة الحريصة على التكاتف «واليمعة» عند الضحى، والاستماع إلى حكاية الزمن الجميل، نفتقدنا في كل هذا ولا نجد حيلة إلا بالرجوع حتى لو بالتذكر، خيالاتنا العامرة بالجمال لا تنضب وأصواتنا لا تتوقف رغم الازدهار والتنوع الجميل، والأثر الرائع عنوان عريض للحب، يبقى ما في القلب في القلب من الحب والتجاوز عندما يؤثر في السير.
من القلب..
لهذه العمارة الوقف التي تقدم بها العمر ولازالت تعطي وما تأخرت، «مدت يد الخير»، واقفة رغم تقدمها في العمر ظلت تعطي بكرم وإنسانية، تقاوم جذوعها تغيرات الجو والطبيعة، في ثباتها القوة والإصرار على عمل الخير الباقي الذي لا ينقطع، يحرسها الله، ومن ثم الفعل الطيب ونوايا الإنسان الذي وهبها الله ولم يدخر العطاء، ليأتي بالسعادة التي تعني الاطمئنان، والذي يعني ثبات الرأي والمضي في النافع الجيد.
من القلب..
الذي وفر الوقت ومنح التعبير للمشاعر أن تفيض وتدفع بالصبر السفينة لاستشراف الغد، وكشف لنا في الفراغ عن وجود ركاب يقفون مزدحمين أمام الميناء يتدافعون إلى ما يكونون عليه ينتظرون الوقت، الوقت فقط حتى يرون النور الذي يبصرون من خلاله ما في أنفسهم من نوايا دافعة للعمل والانتماء، إلى كل شيء جميل يظهره القلب، إلى الأرواح المتحابة في الله، في السوق ابتسامات الرضا على وجوه مؤمنة بقوت اليوم، إلى كرسي الحياة الذي يتسع للجميع وطاولة التركيز في العمل التي تجتهد لحاضر قادم مشرق ومستقبل واعد للأجيال الجديدة..
«من القلب.. إلى الحياة وصحتها».