لكبيرة التونسي (أبوظبي)
يختتم «مهرجان الحصن»، الذي تُنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، فعالياته اليوم، والتي انطلقت على مدار 10 أيام، تحت شعار «ثقافة أبوظبي وتراثها الغني»، بعروض وأنشطة تراثية وثقافية وترفيهية وفنية، ومشاهد حية لأسلوب عيش الأجداد، والتي ارتبطت بالذاكرة الشعبية الإماراتية، وعبّرت عن قيم الترابط والتراحم والتعاون.
«بيت العيلة»
بين زغاريد الفرح وغناء الأطفال، وصوت بائع الذهب، وتألق الأمهات والجدات في السوق القديم، وجلوس الحرفيات بأزيائهن وأدواتهن التراثية يستعرضن إبداعاتهن، وحركة الباعة ورائحة الطيب، تستحضر فعالية «الفريج» في «مهرجان الحصن»، الصور الشعبية الإماراتية من زمن لوّل، وما رافقها من طقوس وعادات وتقاليد وقيم محبة وترابط مجتمعي، ليصبح «الفريج» بجميع مكوناته بمثابة «بيت العيلة» الكبير، وذلك ضمن مناطق متكاملة تضج بالمشاهد الإنسانية التي تؤصل للموروث الإماراتي وقيمه الراسخة.
تجربة متكاملة
تأخذ منطقة «الفريج» الزوار في جولة إلى قرية أبوظبي التاريخية وسوقها القديم، وتسافر بالحواس عبر الزمن إلى ماضي العاصمة أبوظبي، بروائحه ومشاهده وأصواته، ليتابع الزوار الحرفيين التقليديين، وهم يستعرضون حرفهم ضمن ورشهم الحية المصممة على النمط القديم، ولا يكتفي الزائر بالمشاهدة، ولكن يشارك في أنشطة كانت جزءاً من حياة الأجداد اليومية، مما يسمح لهم بتكوين انطباعات شخصية ضمن تجارب تفاعلية، مع الاستمتاع بالورش التراثية وتعلُّم أسرار الحرف، مما يسهم في انتقال الموروث للأجيال القادمة.
نبض الحياة
عبر أقسام «الفريج» الكثيرة والمتنوعة المتمثلة في السوق، الدكان، الحداد، صناعة الفخار، بيت الخوص، الذي يشهد تجفيف الخوص وصياغته ونسجه، «الهوش والدجاج»، المقهى الشعبي، خض السقا، الشامي، القرقور، الليخ والديين، المنامة، وطقوس الترحيب بالمولود الجديد، ليستمتع الجمهور بصور مجتمعية كانت تشكل أساس حياة الأولين، وتروي قصص حياتهم اليومية وتبرز إبداعاتهم ضمن مشاهد جاذبة تحاكي حياة الماضي بكل جمالياتها.
عرض مسرحي
وشهد العرض المسرحي الخاص باستقبال المولود على المسرح المفتوح، من كتابة شيخة الجابري، وإخراج محمد سعيد السلطي، إقبالاً واسعاً من قبل الزوار، حيث سلّط الضوء على عادات وتقاليد استقبال «قماشة» و«مبارك» لمولودهما «سند»، من خلال خمسة مشاهد حية، ترافقها العديد من الصور المجتمعية الأخرى التي ترتكز على قيم التضامن والتعاون والترابط الأسري.
استقبال المولود
وقال محمد سعيد السلطي مخرج مسرحي، إن المشاهد تسلّط الضوء على طقوس التجهيز لاستقبال المولود وشراء الهدايا التي تقدمها أم العريس لزوجة ابنها، ومشاهد العرض تبدأ من تحول العروس إلى بيت والدتها في آخر أيام الحمل، استعداداً للوضع وإقامة حفل استقبال المولود، ثم العودة إلى بيت زوجها بعد أربعين يوماً، وتتخلل المشاهد صوراً اجتماعية يتفاعل معها الجمهور، وتسرد العديد من التفاصيل التي كانت تشكل جزءاً من حياة الأجداد، كمشهد شراء الذهب، ومشهد سارق الدجاج، وغيرها من الصور الاجتماعية ضمن أجواء نابضة بالحياة.
«حلوم أم العلوم»
وفي هذا العرض المسرحي، تقدم الفنانة مواري عبدالله، دور «حلوم أم العلوم» وهي سيدة فضولية تشكل الاستثناء في «الفريج» ضمن مشاهد كوميدية تفاعلية، حيث تحب نقل أخبار الناس والتجسس عليهم، إلى أن وقعت في يوم من الأيام عينها على «سارق الدجاج» ليتضح بعد فضحه، بأنه زوجها، وعن هذه المشاهد البديعة، قال حبيب الكعبي مدير الإنتاج في جمعية ياس للثقافة والفنون والمسرح «نسلط الضوء على صور من المجتمع ضمن قالب فكاهي ترفيهي يسعد الجمهور ويطلعهم على جانب من حياة الأجداد في السابق، التي كان يسودها التعاون والمحبة والتضامن، من خلال عروض ترسخ التراث وتعززه لدى الأجيال لضمان استمراه وصونه».
سوق الصوغ
يستحضر «سوق الصوغ»، جماليات الأسواق القديمة وما تتضمنه من الأزياء التراثية والأقمشة القديمة والعادات المرتبطة بها التي حافظ عليها الإماراتيون عبر العصور، إضافة إلى العطور والبخور والأدوات التراثية التي تعكس إبداعات الحرفيات ضمن ورش حية تسمح للزوار بالتعلم وتعميق معرفتهم بأهمية الممارسات التقليدية مع تطور الأزياء والاتجاهات السائدة لخطوط الموضة، كالخياطة والأقمشة، والتلي والبادلة والمخور والتولة، والذهب والمجوهرات التقليدية والعطور والدخون والمحلب والحنة والإثمد والبرقع والنقدة، وغيرها من الفنون المرتبطة بالجدات والأمهات، ضمن أجواء نابضة تعكس إيقاع الناس في «الفريج»، وترصد تفاعل الشباب والأطفال مع هذه الحرف.
مسرحية واقعية
قالت الكاتبة شيخة الجابري، مؤلفة العرض المسرحي الخاص بطقوس استقبال المولود، إن المشاركة بعمل إبداعي في «مهرجان الحصن» فرصة حقيقية لتسليط الضوء على عنصر مهم من عناصر تراث إمارة أبوظبي، موضحة أن المسرحية التي كتبتها للعرض بالمهرجان تتميز بالواقعية، وترصد عادات وتقاليد وطقوس استقبال المولود الجديد، وفرحة أهل الفريج الكبيرة باستقباله، بجانب أسرة المولود.
«بنات الحصن»
صور رافقت حياة «الفريج» تزينها الأغاني التراثية الشعبية ابتهاجاً بقدوم المولود الجديد، تؤديها مجموعة من الفتيات يُطلق عليهن «بنات الحصن»، حيث يملأن المكان سعادة ويستقطبن الزوار للتعرف على أصل هذه الأغاني وحضورها في المخيلة الشعبية الإماراتية، ويتجولن في «الفريج» لاقتناء الحلويات من الدكاكين القديمة، في مشاهد تبهج الزوار.