محمد قناوي (القاهرة)
حصدت مؤخراً المخرجة التونسية كوثر بن هنية، من خلال فيلمها «بنات ألفة»، جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في نسخته الثالثة، ويشكل الفيلم مزيجاً بين الوثائقي والروائي.
في حوارها لـ«الاتحاد»، عبّرت بن هنية عن سعادتها بالجائزة، وقالت إن الفيلم يروي قصة حقيقية عن سيدة تونسية أربعينية بسيطة لديها أربع بنات، ويسلط الضوء على الفترة ما بين أعوام 2010 و2020، وبما تحمله من صراعات سياسية واجتماعية ودينية، لتتصاعد الأزمة بسقوط الفتيات في مستنقع الإرهاب، ليهربهن إلى ليبيا للانضمام إلى تنظيم «داعش»، لينتهى المطاف بهن إلى السجن.
تناقضات
ترى كوثر بن هنية، أن هذه الحكاية الصغيرة مرتبطة بالحكاية الكبيرة لتونس بعد 2011، وأنها مشغولة بالتأثير الذي أحدثته هذه الثورة على حياة النساء، لدرجة أن بطلة الفيلم تقود ثورتها الخاصة، وتتخلى عن زوجها وترحل كي تعيش حياتها بحرية.
وأضافت بن هنية أن الفيلم استغرق رحلة طويلة، بدأت قبل سبع سنوات، بين الكتابة والتنفيذ حتى يخرج للنور، وكنت أنوي تقديمه في شكل وثائقي، وانطلقت الفكرة عندما استمعت إلى الشخصية الحقيقية الأم «ألفة الحمروني»، وهي تتحدث عن بناتها في الإذاعة، وكان اسمها قد ذاع في العالم عام 2016، وشعرت بأن لديها جانباً روائياً يستحق أن نقدمه إلى الجمهور، وما جذبني إليها كونها أمّاً مليئة بالتناقضات، تجمع بين الحب والعنف، لذا قررت تقديم فيلم وثائقي ممزوج بالروائي مع الاستعانة بالشخصيات الواقعية.
صاحبة الفكرة
أشارت بن هنية، إلى أنها كانت تعرف الكثيرعن حياة «ألفة» وأخبرتها عن ماضيها في جلسات استماع، وكتبت مشاهد صغيرة لتنظيم التصوير، لمعرفة ما يجب القيام به في موقع التصوير، لكنني عندما بدأت التنفيذ تركت المشاهد مفتوحة للتجريب، ومنحت فرصة للممثلات والشخصيات الحقيقية لتتفاعل.
وكشفت كوثر عن أن «ألفة» هي صاحبة فكرة الاستعانة بهند صبري في هذا الدور، وهي معجبة بها وتعتبرها ممثلة مهمة ونجمة كبيرة، ويحسب لها جرأتها في المشاركة في هذا المشروع البعيد عن هالة النجومية وشباك التذاكر وحسابات الشهرة.
وشددت بن هنية عن أنها كي تختار موضوعات أفلامها لابد أن تشعر بأن الفكرة تحرك شيئاً بداخلها، وتدفعها إلى العمل، فصناعة الفيلم طويلة ومعقدة؛ لذلك يجب أن يكون لديها شغف حقيقي به، وهو المحرك لها، ولكل فيلم نقطة انطلاق خاصة به.
أسطورة «ميم»
وأوضحت بن هنية، قائلة «هناك مشروع فيلم بعنوان (ميم)، أستعد لتقديمه خلال العام المقبل، وهو عمل طموح شرعت في كتابته منذ عام 2013، ووقتها لم أكن أملك الخبرة اللازمة لتقديم مشروع بهذا القدر، لكن اليوم بعد تلك المسيرة ومشاركاتي في مهرجان «كان» وترشيحي للأوسكار، يمكنني التصدي لتلك التجربة».
وتدور أحداث الفيلم خلال فترتين زمنيتين مختلفتين، أربعينيات وتسعينيات القرن الماضي في تونس، حول فتاة شابة تقوم بنبش الماضي في قريتها، حيث تكشف عن أسطورة يؤمن بها أهل القرية، وتقوم بكشف الكواليس والأسرار حول هذه الأسطورة التي أصبحت من المعتقدات الراسخة في وجدان الأهالي.
السينما والمنصات الرقمية
عن مستقبل صناعة السينما في عالم المنصات الرقمية، قالت: السينما في القرن العشرين كانت سيدة الفنون، والأكثر وجوداً، أما في القرن الحادي والعشرين، فتواجه منافسة كبيرة من الإنترنت والمنصات الرقمية، وفي عصر السرعة أصبح البعض ربما يفضل مشاهدة فيديو قصير على«تيك توك» مثلاً، بدلاً من أن يشاهد فيلماً مدته ساعتين؛ لذلك أمام السينما تحد كبير للبقاء في صدارة المشهد في عالم الترفيه، وهناك تحد آخر أمام الصناع، ليقدموا أعمالاً ممتعة، وفي الوقت نفسه عميقة تذكرنا بذواتنا الإنسانية، في عالم مملوء بالسطحية.