وافقت السلطات الصحية الأميركية، أمس الجمعة، على أول علاج باستخدام مقص «كريسبر» Crispr الجزيئي، وهي تقنية للتحرير الجيني تمثل إنجازاً كبيراً في الطب، يُتوقع في هذه الحالة أن تتيح تخفيف معاناة المصابين بمرض نادر في الدم.
في المجمل، جرت الموافقة على علاجين ضد هذا المرض الجيني الوراثي، فقر الدم المنجلي الذي يصيب حوالي 100 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وقال بيتر ماركس المسؤول رفيع المستوى في وكالة الأدوية الأميركية، خلال مؤتمر صحافي «تمثل هذه العلاجات تقدماً كبيراً في مجال العلاج الجيني للمرضى الذين يعانون فقر الدم المنجلي، وهو مرض دم نادر ومنهك».
وأضاف «إن إمكانات هذه المنتجات لتغيير حياة المرضى الذين يعانون مرض فقر الدم المنجلي هائلة».
وأكدت الوكالة الأميركية أن هذا المرض يؤثر بشكل خاص على الأميركيين من أصل أفريقي.
وقد خوّل تطوير مقص «كريسبر» الجزيئي الفرنسية إيمانويل شاربنتييه والأميركية جينيفر دودنا الحصول على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2020.
وأحدثت هذه التقنية ثورة في معالجة الجينوم من خلال دقتها وسهولة استخدامها مقارنة بالأدوات السابقة.
يعاني المرضى المصابون بمرض فقر الدم المنجلي طفرة تؤثر على الهيموغلوبين، وهو بروتين موجود في خلايا الدم الحمراء ينقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم. وبسبب هذه الطفرة، تصبح خلايا الدم الحمراء على شكل منجل، ما يحد من تدفق الدم وتوصيل الأكسجين.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فقر دم مزمن ونوبات مؤلمة للغاية. وقد تكون التداعيات المتصلة خصوصاً بحدوث أضرار في الأعضاء الحيوية، خطيرة، وحتى مميتة.
وبات كلا العلاجين، «كاسجيفي» Casgevy و«ليفجينيا» Lyfgenia، معتمدين من إدارة الغذاء والدواء الأميركية للمرضى الذين تبلغ أعمارهم 12 عاماً وما فوق.
وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بهذه التراخيص باعتبارها «إنجازاً كبيراً». وقال، في بيان، إن «هذا التقدم الطبي المهم يُعدّ واعداً جداً لتطوير علاجات أخرى».
- «عصر جديد»
وتمت الموافقة بالفعل على علاج «كاسجيفي» Casgevy، الذي طورته شركة «فيرتيكس فارماسوتيكلز» Vertex Pharmaceuticals، في نوفمبر الماضي من جانب السلطات الصحية البريطانية، لكن هذا الترخيص الجديد هو الأول من نوعه في الولايات المتحدة.
ويتم تعديل خلايا المريض باستخدام تقنية Crispr ثم تُزرع مرة أخرى لدى الفرد.
خلال تجربة سريرية، لم يعانِ 29 من أصل 31 مريضاً من أزمة انسداد في الأوعية الدموية لمدة 12 شهراً متتالياً على الأقل خلال فترة متابعة مدتها 24 شهراً.
وكانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً هي آلام الفم والغثيان وآلام البطن والقيء.
أما العلاج الثاني، المسمى «ليفجينيا» Lyfgenia والذي طورته شركة «بلوبيرد بايو» Bluebird Bio، فهو يعمل بشكل مختلف، إذ يستخدم فيروساً غير ضار لإجراء التعديل الوراثي.
وقالت نيكول فردان، مديرة المنتجات العلاجية في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، إن مريضين توفيا بسرطان الدم خلال التجارب السريرية لهذا العلاج. لذلك، تمت إضافة تحذير إلى العلاج المعتمد «لإعلام الجمهور» بالمخاطر.
وأوضحت فردان أنه تم الاتفاق مع المختبرين الصيدلانيين لإجراء دراسات المتابعة لمدة 15 عاماً.
بالنسبة لكلا العلاجين، بمجرد جمع الخلايا الجذعية للمريض، يجب أن يخضع للعلاج الكيميائي الذي يهدف إلى إزالة الخلايا من الحبل الشوكي، بما يتيح بعد ذلك استبدالها بالخلايا المعدلة.
وقالت شركة «فيرتيكس فارماسوتيكلز» Vertex Pharmaceuticals، في بيان، إنه بعد الحقن، بجرعة واحدة سيتعين متابعة المرضى لأسابيع عدة في المستشفى. وتقدّر الشركة أن حوالي 16 ألف مريض سيكونون مؤهلين لذلك.
بالفعل، وفق بيتر ماركس من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، فإن هذه العلاجات ستكون أكثر ملاءمة للمرضى الذين يعانون نوبات متكررة وشديدة، أو «حوالي 20%» من المصابين بهذا المرض في الولايات المتحدة.
ولكن بحسب ماركس، فإن ترخيص هذين العلاجين «اللذين يُحتمل أن يحوّلا» مسار البحوث في هذا المجال، يوضح الديناميكية الحالية لهذا «العصر الجديد الواعد من الطب».