لكبيرة التونسي (أبوظبي)
عبر مجموعة من التصاميم والحرف وفنون الطهي التقليدية واستعراضات الفرق الشعبية، يعيش جمهور «مهرجان الشيخ زايد 2023» في منطقة الوثبة بأبوظبي، تجربة حية ومتنوعة يوفرها جناح «القرية التراثية». وهو يعيد إحياء الماضي العريق، ويسلّط الضوء على تراث الحرف اليدوية، عبر مساحات تضم السوق القديم، والساحات المفتوحة، ومختلف البيئات التي تضع الإنسان ضمن محور اهتمامها، حيث صممت الفعاليات بشكل تفاعلي، من خلال التظاهرة الثقافية التراثية التي تخاطب مختلف الأجيال للاستمتاع بأسلوب إبداعي مبتكر.
عيون الحاضر
بموقعها المميز وأقسامها وبيئاتها المتنوعة، تستقطب «القرية التراثية» الزوار من مختلف الجنسيات، للاستمتاع بما تستعرضه من عادات وتقاليد الموروث، وثقافة الطعام والزواج والحرف اليدوية والفنون الشعبية، ومرافقها المتعددة التي تجسد تاريخ المنطقة، عبر نافذة تعكس الماضي بعيون الحاضر. وتجسد القرية روح الزمن القديم، إذ يتجول الزائر بين الفرجان، ليجد الدكان والنساء في تجمعات تعمل بتفان وإتقان على الحرف اليدوية، بينما يتجول الباعة في الساحة المفتوحة على مختلف الأجنحة. أما الأروقة فتعرض صورة من الحياة قديماً مثل «زهبة العروس» والحناء وخض اللبن وصناعة المالح، وسواها من المشاهد التي تضع الجمهور في الزمن الأول. وتعرض القرية عادات وتقاليد مجتمع دولة الإمارات بمختلف بيئاته الساحلية والجبلية والبدوية والزراعية من خلال تقديم التراث الحي بمكونات تراثية تروي جانباً من تاريخ الوطن، كما تنقل مختلف التقاليد الموروثة الخاصة بنمط الحياة الاجتماعية عبر حرفيين يجسدون معيشة الأجداد.
ورش عمل
من داخل القرية يستعرض الحرفيون أمام الزوار، مجموعة صناعات مارسها الأجداد وحافظوا عليها إلى اليوم، بما فيها البيئة البحرية والصحراوية والجبلية والزراعية، بتصاميمها المطابقة لواقع البيئات قديماً، وورش العمل والعروض التراثية التي تثري يومياً فكر الزائر ليعيش عبق زمان وتاريخ المنطقة. وتتضمن القرية مجموعة واسعة من الحرف التي يتفاعل معها الجمهور، والتي درج عليها الآباء والأجداد سابقاً، وكانت تشكل مصدر قوتهم ودلالة على مهارة الحرفي الإماراتي الذي تأقلم مع الطبيعة واستثمر خيراتها بفعل ذكائه. وتعرِّف القرية زوارها بأبواب التراث وتجسده أمام الأجيال، كصور من حياة الآباء والأجداد قديماً، وتدعوهم إلى المشاركة في الورش التعليمية الحية، في خطوة للحفاظ على الموروث واستدامته.
استقطاب الجمهور
تستقطب «القرية التراثية» بأقسامها المختلفة الزوار الذين يحرصون على مشاهدة أعمال الحرفيين وهم يقدمون أعمالهم اليدوية، حيث يستمعون إلى شرح واف عن طبيعة كل بيئة وحرفها ومنتجاتها. وتشمل الحرف التقليدية: صناعة السدو وقرض البراقع وخياطة السرود والغزل والنسيج وصناعة التلي وخض اللبن وصناعة المالح وصناعة الحابول والجدف والأسواق وصناعة البخور. ويتوقف الجمهور عند براعة الصناع وإبداعاتهم، ويطلعون على جانب من عادات وتقاليد الإمارات الأصيلة، والتي انعكست على امتداد الدولة.
أسلوب حياة
تروي «القرية التراثية» جانباً من تاريخ الوطن، وتنقل التراث الإماراتي عبر العديد من الحرفيين، لتعيد إحياء أسلوب حياة الأجداد، بمشاهد تمثيلية واقعية. وقالت حمامة عبيد التي تستعرض «زهبة العروس» والحناء والملابس التراثية، أنها سعيدة بتفاعل الجمهور المتعطش لمعرفة عادات وتقاليد الزهبة والعرس الإماراتي، وبعض الممارسات الاجتماعية المرتبطة بهذه الطقوس. وأوضحت أن عادات وتقاليد الأعراس الإماراتية، قد تختلف من منطقة لأخرى، إلا أنها تبقى متشابهة في محتواها وقيمها وأصالتها، لافتة إلى أن العروس كانت تتزين بمواد طبيعية من صنع النساء، وتتحنى بطريقة تقليدية. وكان «بيت الزهبة» يتضمن عدداً من المقتنيات الخاصة بالعروس، ويأتي على رأسها الذهب الذي كان يوضع في صندوق كبير، يتألف من الذهب الذي تشتريه العروس من مهرها أو يهديه لها «المعرس»، إلى جانب مواد الزينة والأقمشة والهدايا الأخرى التي تعبر عن المستوى الاجتماعي للعريس.
أهازيج تراثية
ضمن «القرية التراثية» وفرجانها وسوقها وساحاتها النابضة بالحياة، تظهر يومياً حضارة الإمارات وجوانب متعددة من ثقافتها ومورثها الشعبي. وتعزز الأهازيج التراثية والحرف القديمة من ثقافة صون التراث والاعتزاز به، عبر أنشطة تحث النشء على التمسك بالتراث وبتفاصيل الحياة الإماراتية قديماً. وقال سعيد علي سالم الكعبي، رئيس فرقة «الهيلي الحربية» إنه فخور بالمشاركة التي تمد الأجيال بالمعرفة، وتحث على صون الموروث الشعبي لفن الرزفة، وهو تراث قديم يقدم في المناسبات السعيدة والأعراس واحتفالات الدولة. وتتزيّن ساحات القرية باستعراضات الفنون الشعبية الإماراتية عبر أداء موسيقي يعكس المخزون التراثي، والموروث الوطني الذي يمثل عبق المعاني بروح الألفة والمودة والمحبة التي عاشها الأجداد، ليبقى راسخاً في النفوس، ورمزاً ملهماً لتعزيز الهوية الوطنية وروح الانتماء.
«السوق الشعبي»
يقدم «السوق الشعبي» في القرية التراثية، منتجات تعرضها الأسر المنتجة من عطور وبخور وملابس مطرزة، ويتيح تجربة متفردة تربط الماضي بالحاضر من خلال الفعاليات الحية، بما فيها فرصة تذوق الأطباق الشعبية، ومشاهدة اللوحات الفنية وما تقدمه الفرق الشعبية من عروض متنوعة.
«المباني التقليدية»
تتيح «القرية التراثية» للزوار التجول في المباني التقليدية واكتشاف الحياة اليومية في الإمارات قديماً، والتعرف على نمط حياة الأولين وكيفية مجاراة الحقبة الزمنية، من خلال العروض الحية، مثل «الدكان القديم». وقال محمد الهاجري: نستعرض جانباً من محتويات الدكان، مثل ورق الشاي ولبان «أبودقة» والمربي والمكسرات و«اليقط»، ونحرص على تقريب هذا الجيل من صور الحياة الاجتماعية قديماً، بينما نستعيد الذكريات القديمة لكبار السن.