أحمد مراد (القاهرة)
مهام مؤثرة، ووظائف حيوية، وأدوار رئيسة تلعبها المحيطات في حياة البشر على كوكب الأرض، وتتمثل إحدى هذه المهام في كون المحيطات «ترمومتر المناخ»، نظراً لدورها الحيوي في تنظيم وتوزيع الحرارة، وتشكل السحب الممطرة، فضلاً عن تأثيرها المهم في التخفيف من آثار ظاهرة الاحترار العالمي، وغيرها من الأمور التي تجعل كوكب الأرض صالحاً للحياة لمختلف الكائنات الحية.
وتشكل المحيطات ما يقارب 71% من مساحة سطح الكرة الأرضية، وتمثل نسبة 97% من المياه الموجودة على كوكب الأرض، موزعة على 5 محيطات تطوق الكوكب. وتمثل المحيطات ما يشبه الجهاز التنفسي للكرة الأرضية، حيث تنتج 50% من الأكسجين الموجود على الكرة الأرضية، وتمتص 30% من ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى أن المحيطات تعد موطن لمعظم أشكال التنوع البيولوجي للأرض.
موزع للحرارة
تلعب المحيطات دوراً مهماً في توزيع الحرارة من خلال التيارات المائية الموجودة فيها، حيث تمتص غالبية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض، وتقوم بتوزيع الحرارة بالتساوي على جميع أنحاء الكرة الأرضية. علماً بأن مناطق خط الاستواء يصل إليها كمية طاقة شمسية أكثر من كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى المناطق القطبية، ومن ثم تتشكل تيارات المحيطات الأفقية والعمودية، وتأخذ معها هذه الحرارة وتوزعها على جميع مناطق كوكب الأرض، حيث تحمل هذه التيارات البحرية الحرارة لآلاف الكيلومترات، فضلاً عن أنها تطلق الكثير من هذه الحرارة مرة أخرى في الغلاف الجوي.
حائط صد
تُوصف المحيطات بأنها «منظم الحرارة على سطح الأرض»، حيث تمتص الجزء الأكبر من إشعاع الشمس، وتمد الغلاف الجوي بالحرارة وبخار الماء، وتمتص أكثر من 90% من الحرارة الزائدة التي تحتجزها غازات الاحتباس الحراري، وتحمي الكرة الأرضية من زيادات أكبر في درجات الحرارة نتيجة لتغيّر المناخ، الأمر الذي يجعلها بمثابة «حائط صد» ضد زيادة درجات الحرارة.
وبحسب تقديرات بعض العلماء، امتصت المحيطات ما يقارب 80% من الحرارة التي نتجت عن البشر في الـ 200 سنة الماضية.
مقاوم للاحترار العالمي
تساهم المحيطات بشكل كبير في التخفيف من آثار ظاهرة الاحترار العالمي التي تعاني منها الكرة الأرضية الآن، حيث تمتص الكثير من ثاني أكسيد الكربون الموجود على الأرض، وبالتالي تخفف من أثره السلبي، لأنه يشكل واحداً من أهم غازات الدفيئة المسؤولة عن ظاهرة الاحترار العالمي.
كما أن المحيطات تخزن أكثر من 90% من الحرارة الزائدة المحتجزة على الأرض بسبب انبعاثات الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية، حيث تعمل حوالي 2.3% فقط من الحرارة على تدفئة الغلاف الجوي، بينما تعمل الحرارة الباقية على إذابة الجليد وتدفئة الأرض، لذلك ترتفع درجة حرارة الغلاف الجوي بسرعة أقل مما يمكن أن يحدث.
التنبؤ بالطقس والمناخ
تتسبب المحيطات فيما يعرف بـ «تقلبية المناخ»، وذلك على فترات تتراوح بين أسابيع وعقود من خلال التذبذبات المنتظمة، ويظهر ذلك بوضوح في ظاهرة تُعرف بـ «النينيو» التي تشمل ظاهرتي النينو والنينيا المتطرفتين في المحيط الهادئ الاستوائي، والقطبية الثنائية للمحيط الهندي، والتذبذب في شمالي المحيط الأطلسي، وتحدث هذه التذبذبات عندما يتسبب تغير أنماط درجة حرارة سطح البحر، والضغط الجوي، والرياح، في حدوث فترات مناخية أكثر دفئاً أو برودة، أو أكثر مطراً أو جفافاً، من المعتاد. ويمكن لخبراء الأرصاد أن يحددوا هذه التذبذبات ويتنبؤوا بها من خلال تحسين مراقبة المحيطات والغلاف الجوي، وبالتالي يمكن أن يتنبؤوا بالمناخ والطقس، حيث تستخدم المراكز والجهات المعنية بالمناخ هذه المعارف لإعداد تنبؤات توافقية بالمناخ الموسمي.
اعتدال طقس السواحل
تتميز مياه المحيطات بأنها تسخن وتبرد بشكل أبطأ من الهواء في الغلاف الجوي، والمحيطات تدفأ وتبرد بدرجة أبطأ من الغلاف الجوي، وبالتالي يميل الطقس الساحلي إلى أن يكون أكثر اعتدالاً من الطقس القاري، ويشهد عدداً أقل من الظواهر المتطرفة الساخنة والباردة، ولا يوجد اختلاف كبير في درجات الحرارة بين الفترات الحارة والفترات الباردة.