خولة علي (دبي)
الصيد مهنة تستقطب الكثيرين من محبي البحر، لخوض تجربة استثنائية بين أمواجه، والظفر بخيراته الوفيرة وثرواته السمكية، والتعرف على فنون هذه المهنة وتقنياتها، ليسيروا على نهج الآباء والأجداد الذين ارتبطوا بالبحر، كجزء من ذاكرة المكان التاريخية والاجتماعية، ورحلة عشق متجددة لا ينطفئ وميضها في النفوس على مر الزمن.
لمياء علي الصيقل تُعتبر مثالاً لابنة الإمارات التي استطاعت أن تترجم حبها وعلاقتها الوثيقة بالبحر، عبر تعلّم مهنة الصيد كهواية ألفتها واعتادتها، منذ أن كانت تخرج، وهي طفلة، مع والدها للصيد لترافقه في رحلاته، حتى أصبح البحر جزءاً من نشاطها اليومي، ومصدراً للذكريات الجميلة مع والدها الراحل. واستطاعت أن تؤسس وتقود فريقاً نسائياً يحترف مهنة الصيد، ويحقق بطولات عدة في المسابقات البحرية المحلية.
شغف واستمتاع
تؤكد لمياء علي الصيقل، قائدة الفريق، أن للبحر أثراً وقيمة في حياة كل من سبر أغواره وغاص في أعماقه وسط الأمواج، وبالرغم من المشقة التي تصاحب رحلة الصيد، فإنها لا تخلو من لحظات الترفيه والهدوء المصاحبة للفرد، الذي يقصد البحر بحثاً عن الزرق على ظهر قارب أو سفينة صيد، في تجربة متجددة ومختلفة. وتضيف: الصيد متعة لا يمكن وصفها، فهو يساعد على التخلص من ضغوط الحياة اليومية، فما إن نستقل الطراد وننطلق في عرض البحر حتى يخالجنا الشعور بالبهجة والتأمل والترقب، لعلنا نحظى بالصيد الوفير.
مهارة وخبرة
وتقول الصيقل: كثيراً ما كنت أراقب الوالد، رحمه الله، وهو يجهز معدات الصيد من أدوات وخيوط ولوازم أخرى ضرورية قبل الانطلاق بالطراد، بصحبة عدد من الأقارب والأصدقاء، وكنت أخرج معهم وأنا طفلة. وعندما كبرت أصبح البحر يجذبني أكثر، فبدأت أخرج برفقة مجموعة من الصديقات للصيد في الأماكن القريبة من الشاطئ، حتى تطور شغفنا شيئاً فشيئاً، وبدأنا نلجأ إلى استئجار قوارب من شركات رحلات الصيد، ومن تكرار التجربة، أصبحنا أكثر مهارة وخبرة بفنون الصيد، ومواكبة كل جديد فيه.
احتراف
وتضيف الصيقل: الأمر في البداية كان مجرد رحلات ترفيهية للاستمتاع بجمال البحر، وبلحظات غروب الشمس التي تنعكس خيوطها الذهبية على سطح الماء، وبعد احترافنا هذا المجال، أصبحنا نخرج في ساعات الفجر الأولى، لمناطق بعيدة ونعود بعد صلاة العشاء، كما نشارك في عدة بطولات بحرية من تنظيم نادي أبوظبي البحري، ونحقق مراكز متقدمة.
وتؤكد أن الاستعداد لرحلات الصيد يتطلب معرفة دقيقة بحالة البحر، ومن ثم تجهيز القارب والتأكد من تعبئة البترول والماء وتخزين الثلج وشراء الطُعم، بالإضافة إلى توفر المشروبات والوجبات الخفيفة، ويتم تحديد مدة الرحلة والمكان الذي نقصده للصيد.
روح الفريق
وتشير الصيقل إلى أن الفريق يتألف من 4 فتيات، هن: أسماء خلفان الريسي، فاطمة الحمادي، مريم العامري، وعائشة الكعبي، واللاتي جمعتهن هواية صيد الأسماك، ومنها انطلقن إلى خوض المنافسات البحرية ليثبتن كفاءتهن وعزيمتهن في مواجهة التحديات بروح عالية، ضمن فريق نسائي متناغم في تعاونه وتبادل خبراته وإنجاز مهمته في رحلات الصيد بكل تميز ونجاح، فالإنجازات شاهدة على تفوقهن في مجال ارتبط بالرجال، إلا أنهن استطعن الوجود فيه بصورة أكثر احترافية، وساهمن في تحفيز النساء على خوض غمار هذه الهواية.
أهداف ورسائل
تسعى لمياء الصيقل وفريقها إلى تشجيع مختلف الفئات والجنسيات على استثمار الوقت في ممارسة رياضة الصيد، والعمل على تعزيز صورة المرأة الطموحة التي تتحلى بالعزيمة والإرادة لتحقيق إنجازات على المستويين المحلي والعالمي، وبث رسائل إيجابية من خلال تسليط الضوء على البيئة والصحة والسلامة البحرية، ودعم المبادرات البيئية، ما يعود بالنفع على الصحة واللياقة.