من الأسوار العائدة إلى القرن الثاني عشر ومسجد الكتبية التاريخي، تعرضت المدينة القديمة في مراكش ومواقعها المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى أضرار بسبب الزلزال العنيف الذي ضرب هذه المنطقة السياحية في غرب المغرب.
في المدينة القديمة الممتدة على مساحة 700 هكتار، بدت الأضرار مروعة في بعض الأماكن حيث دُمّرت مساكن، وارتفعت بعض أكوام الركام لأمتار عدة في الأزقة.
وتهدّم جزء من الأسوار العائدة للقرن الثاني عشر الميلادي المحيطة بالمدينة التي بنتها سلالة المرابطين.
وضربت فاطمة السنوسي بيدها على جدران منزلها الذي قاوم الزلزال مساء الجمعة، في حين لم تصمد عشرات أخرى.
وعملت المرأة، البالغة 68 عاماً، على كنس الحجارة والركام من أمام القوس المؤدي إلى منزلها، مرتدية عباءة صفراء.
يقع إقليم «الحوز» حيث مركز الزلزال على بعد حوالى 70 كيلومترا جنوب غرب هذه المدينة السياحية الغنية بتراثها المعماري في وسط المغرب.
وفيما أفادت حصيلة موقتة بأنّ الزلزال خلّف أكثر من 2000 قتيل، قال المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو في المغرب العربي إريك فالت: «بعد كارثة كهذه، يكون الحفاظ على حياة البشر الأمر الأهم. ولكن علينا أيضًا أن نخطط على الفور للمرحلة الثانية، والتي ستشمل إعادة بناء المدارس والأماكن الثقافية المتضررة من الزلزال».
ومراكش مليئة بالمواقع المُدرجة، منذ العام 1985، على قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).
وعلى سبيل المثال، فإن ساحة جامع «الفنا» الشهيرة بمُلاك الثعابين وبائعي الحناء، مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وعلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وبعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال العنيف، عاين فريق من الأمم المتحدة برئاسة فالت الأضرار لمدة ساعتين في المدينة القديمة.
وأضاف فالت «يمكننا أن نقول بالفعل إن الأضرار أكبر بكثير مما توقعنا. لاحظنا تشققات كبيرة في مئذنة (جامع) الكتبية البناء الأكثر شهرة، ولكن أيضًا التدمير شبه الكامل لمئذنة مسجد خربوش» في ساحة جامع «الفنا».
«فوارق كبيرة»
وتابع فالت «المنطقة الأكثر تضرراً بوضوح هي الملاح حيث دمار المنازل القديمة هو الأكثر ترويعاً».
هناك، تحولت منازل من طابق واحد، مبنية بحجارة تتخذ لوناً وردياً تحت أشعة الشمس، إلى ركام. ووضعت قضبان حديد أو دعامات مؤقتة للجدران المنهارة.
وفي حين استفادت مواقع تاريخية في السنوات الأخيرة من عمليات ترميم وخبرة محترفين واستخدام تقنيات موروثة عن الأجداد في طلاء الجير الذي تشتهر به مراكش، فإن هذا ليس حال كل المباني في المنطقة.
وقال سيلفان شرودر من حي دوار كراوة «هناك فوارق كبيرة». ويملك هذا الفرنسي أحد عشرات الرياض التي ساهمت بدورها في إضفاء سحر على المدينة السياحية. ويتعارض هدوء باحته والزليج ذو الألوان الزاهية مع خراب المنازل الفقيرة المجاورة.
وأشار شرودر إلى الجدران والعوارض وشجرة الليمون قائلاً «تحركت المياه في البركة (أثناء الزلزال)، لكن هذا كل شيء، الباقي سليم». وقال «توجد هنا خرسانة مسلحة، كما في العديد من الرياض التي جُدّدَت مؤخرًا، وقد تم تعزيز الهيكل».
وفي الجانب الآخر من الزقاق، يقع مبنى سكني ذو جدران واسعة آيلة للسقوط. وأكد شرودر أنه «مع هطول الأمطار، فإنها مهدّدة بالانهيار مثل بيت من ورق».