واشنطن (الاتحاد)
بهدوء شديد، أجرت فيسبوك خلال الأشهر الأخيرة، تغييرات داخلية أدت إلى إبطاء حركة الإحالة من المنصة إلى وسائل الإعلام بشكل كبير في الولايات المتحدة، حسبما نقل موقع «سي إن إن» عن كثير من المنصات. وتسببت تلك التغييرات في الإضرار بدرجة كبيرة بمعدل القراءات في العديد من الصحف والمواقع التي تعتمد بالأساس في خدماتها على تقديم ومتابعة الأخبار.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة إعلامية كبرى: «إذا كنت ناشراً رئيسياً، فقد تعرضت للضرب».
وتراوح التراجع في الإحالة من فيسبوك لمنصات تقدم محتوى خفيفاً بنسب تتراوح بين 30% و40%، بينما كان التراجع أكثر حدة وإيلاماً بالنسبة للمواقع التي تركز أكثر على الأخبار، بحسب تقارير صحفية.
ويبدو أن هذا التراجع يرجع في بعض أسبابه إلى تلاعب بالخوارزميات، مما جعل حركة المرور التي تشهدها المنصات الإخبارية أقل بكثير مما كانت عليه قبل عام على الرغم من تحرك فيسبوك لإصلاح الوضع.
وكانت الكثير من المنافذ الإخبارية قد صممت طرق عملها خلال السنوات القليلة الماضية، بطريقة تستهدف الاستفادة من دخول القراء الذين يحيلهم فيسبوك عبر الروابط إلى مواقع تلك المنافذ. وقد حقق لها ذلك معدلات قراءة مرتفعة للغاية. لكن تغير الوضع الآن مع تعديلات فيسبوك التي أثرت بدرجة كبيرة على حركة الإحالة.
ورفض متحدث باسم ميتا المالكة لمنصة فيسبوك التعليق، بحسب «سي إن إن».
ويقول محللون إن هذه التوجه من جانب ميتا ليس جديداً ولا سراً، إذ إن مارك زوكربرج ومساعديه وشركاه لم يخفوا أبداً عزمهم الخروج من عالم صناعة وبث الأخبار للتركيز على توجهات جديدة، بخاصة عالم الميتافيرس.
ويتزامن هذا الخروج من عالم الأخبار مع تحرك المشرعين في جميع أنحاء العالم بدرجة أكثر جدية لإجبار شركات التكنولوجيا الكبرى مثل «ميتا» على الدفع للصحف والمنصات الإعلامية مقابل المحتوى المنشور. ورداً على ذلك، هدد فيسبوك بسحب المحتوى الإخباري تماماً من البلدان التي تمرر مثل هذه التشريعات. عندما أصدرت كندا مثل هذا التشريع قبل أسابيع، سحبت «ميتا» المحتوى الإخباري من منصتها هناك، وهو قرار أدى إلى رد فعل سلبي كبير، خاصة مع امتناع فيسبوك عن نشر الأخبار في وقت كانت الحرائق تجتاح فيه البلاد، وهو ما اعتبره المسؤولون الكنديون ضرباً من الجنون.
ولطالما جادلت Meta بأن الناشرين يحتاجون إلى فيسبوك أكثر من احتياج فيسبوك إلى الناشرين. وقالت الشركة في منشور في مارس الماضي: «الأخبار ليست جزءاً كبيراً من فيسبوك على مستوى العالم»، مضيفة أن «أقل من 3% مما يراه الناس في خلاصات فيسبوك الخاصة بهم هي منشورات تحتوي على روابط لمقالات إخبارية».
الأخبار أيضاً فوضوية بالنسبة لـ ميتا، حيث تتسبب المعلومات الخاطئة والمضللة في جميع أنواع المشكلات التي يتعين على الشركة التعامل معها. ترى الشركة أن اضطرارها لمعالجة مثل هذه القضايا الشائكة - التي أدت في بعض الأحيان إلى مثول زوكربيرج وغيره من المديرين التنفيذيين أمام الكونجرس بتهمة «الرقابة» - هو ببساطة لا يستحق كل هذا العناء.