أصبحت الحياة صاخبة سريعة الوتيرة لدرجة أننا كثيراً ما نصف أيامنا هذه بـ«عصر السرعة».. وبشكل متزايد أصبحت الحياة المهنية مثيرة للتوتر والضغوط من فرط التنافس والرغبة المحمومة في الوصول لهدف تلو الآخر، وهو ما يعبر عنه التعبير الإنجليزي «سباق الفئران rat race»، حيث يجري الجميع وراء طموحات وأحلام واجتماعات ومواعيد تسليم.. بلا نهاية وكأننا فئران تتسابق في متاهة ولا تدرك أنها كذلك..
أصبحنا نقرِن السرعة بالكفاءة، والبطء بالتراخي والفشل.. في ظل تنافس مهني واجتماعي يجعل اليوم يجري ومعه الأسابيع والسنوات والعمر.
السرعة مطلوبة للمصانع والشركات والمنتجات التكنولوجية الجديدة.. لكن حين نتحدث عن صحتنا النفسية، فعقولنا ليست مصنعاً أو شركة أو كمبيوتر. في عصر يحدث كل شيء فيه بسرعة علينا أن نتعلم كيف نهدأ كي نحافظ على أنفسنا من الإنهاك والاحتراق النفسي.
لو كنت مستنزفاً بسرعة الحياة، فحاول أن تكون بطيئاً من حين لآخر. هذا ما تحتاجه عقولنا وهذا الإيقاع هو الأنسب لها في الأساس، حين كان نمط الحياة الطبيعي في الماضي القريب.. لكننا حرمنا منه اليوم، أصبح احتياجاً نفسياً علينا أن نخطط له ونهيئ له الظروف كي يحدث.
فكيف نفعل ذلك؟ بأن نتخلص -من حين لآخر- من عقلية الأهداف! أي أن نأخذ وقتنا في فعل أشياء نستمتع بها دون النظر لمقصد أو لغاية نهائية مرجوة منها.. تنزه في الحديقة مستمتعاً بالحالة العامة، دون التركيز في الوصول لنهاية الحديقة كأنه هدف! تترك طعامك وأنت تستمتع بكل قضمة على حدة، لا بهدف الانتهاء من طبقك.. اقض وقتاً مع أصدقائك، لا بهدف التخطيط لشيء ما، بل لقضاء وقت ممتع يثير مشاعر إيجابية ضرورية للتخلص من هرمون التوتر في جسدك.. استرخ أمام البحر متأملاً أمواجه وشكل الرمال والسحب.. فكر في لا شيء..
عش اللحظة لذاتها، لا لهدف تقود إليه، كي تهدئ جهازك العصبي من السعي المحموم الدائم..
لهذا المبدأ البسيط يحترف الناس تقنيات اليوجا والتأمل بأنواعه «المتسامي، اليقظ، الاسترخائي... إلخ» بهدف تخفيف زحام الأفكار وتصفية تيار ذهنك الهادر..
حاول النوم ثماني ساعات.. بل من حين لآخر نم دون ضبط المنبه لساعة استيقاظ..
كي تحافظ على لياقتك الذهنية في عصر السرعة والتنافسية والضغوط..
كن هادئاً.. وخصص وقتاً لذلك!