خولة علي (دبي)
وسط ظروف بيئية قاسية تضج بالحيوانات المفترسة التي تنطلق في البراري والأدغال، تتجول المصورة الإماراتية سعاد السويدي، التي توثّق الحياة البرية بكاميرتها وترصد الطيور الجارحة وعلاقتها ببعضها لتضعها في صور إبداعية تجسد الواقع.
درست سعاد السويدي الهندسة المدنية في الولايات المتحدة، وحصلت على الماجستير، واتخذت الكاميرا رفيقة لها خلال فترة دراستها لتكون الملاذ لها للتغلب على قسوة الغربة بعيداً عن الأهل. ومن هنا توطدت علاقتها بالكاميرا وألفت وجودها وصحبتها في كل الأوقات، وكانت شغلها الشاغل والعين التي ترمق الأشياء من حولها بصورة أعمق وتفاصيل أدق. وهكذا تشكلت علاقتها بالكاميرا واتخذتها وسيلة لتوثيق عوالم من المخلوقات ورصد سلوكياتها الغريبة، ضمن مغامرة داخل الأدغال والحياة البرية.
تواصل ومخاطر
تشير السويدي إلى أنها تركز على تصوير تفاصيل الحياة البرية، ومعرفة سلوكها وكيفية جلب طعامها، ودراسة سماتها التي تتشابه في بعض الأحيان مع عوالم الإنسان.
وقد تشكلت لديها ثقافة التعرف على سلوكيات الحيوانات من خلال التواصل مع أهل الأدغال الذين يعيشون بالقرب منها، إضافة إلى التواصل مع مصوري الحياة البرية ومراقبي الحيوانات في بيئتها. وكل ذلك ساعدها في دراسة سلوكها والحذر من أي تصرف قد يعرضها للخطر، من أجل التعرف على منظومة الحياة البرية على أرض الواقع، بالاقتراب من عرين الأسود ومأوى الحيوانات المفترسة الأخرى ورصد تحركاتها.
تحضيرات مهمة
وتذكر السويدي أن هنالك تحضيرات مهمة لضمان رحلة سلسة من دون عوائق، منذ لحظة الحصول على التطعيمات اللازمة للوقاية من الأمراض المعدية في هذه المناطق، وحتى تجهيز معدات التصوير اللازمة للرحلة وأجهزة الإرسال لاستخدامها في التواصل مع الجهات المعنية، حيث يجب أن يكون المصور مستعداً لمواجهة المخاطر وأن يحسب كل خطوة بدقة ليحافظ على حياته ويحقق أهدافه من الرحلة.
غرائب وعجائب
وعن مدى خطورة الرحلات إلى الحياة البرية، تشير السويدي إلى أن حياة المصور تكون مهددة، موضحة أنها ذات يوم قامت برحلة امتدت لـ 30 ساعة بين الأدغال، وخلالها حدث فيضان عزلها تماماً عن الفريق ودليل الرحلة، كما تعرضت خلال تجولها في مركبة مكشوفة لهجوم من لبوة، كادت أن تفترسها ولكنها نجت منها بأعجوبة.
وتقول: رحلة توثيق ورصد حياة الحيوانات البرية في بيئتها تزخر بعدد لا يحصى من الغرائب والعجائب، فهذه المخلوقات هي أمم تربطها صلات وعلاقات وثيقة ببعضها، كما أن سلوكها لا يخلو من التفكير والمنطق والتخطيط سواء في رعاية أبنائها وبناء منازلها وأوكارها، أو التعاون والتكافل فيما بينها، كما أن الأمر لا يخلو أيضاً من الخداع والغدر والأنانية والظلم والغيرة.
شغف
رحلات السويدي التي استهدفت توثيق حياة الحيوانات، تضمنت دولاً عدة، منها الهند وأدغال أفريقيا والنيبال وأميركا وسلطنة عمان، كما شاركت في عدة معارض داخل الدولة وخارجها. وعرضت تجربتها في توثيق حياة البراري في محافل محلية وعالمية، مؤكدة أنها تسعى لتكون سفيرة لوطنها وخبيرة مهتمة في عالم الحياة البرية.