خولة علي (دبي)
صناعة الدُمى جزء من الموروث الشعبي قديماً، كوسيلة لتسلية الأطفال ونسج القصص والحكايات، وعلى الرغم من انحسار الكثير من الحرف القديمة وتراجعها، إلا أن هذه الصناعة ظهرت مجدداً مع دخول الخامات والأدوات الحديثة، لتظهر من جديد في حُلة عصرية وبمظهر وتفاصيل أكثر دقة وإتقاناً، وتُعتبر الفنانة الإماراتية بدرية المزروعي واحدة من المهتمين بهذا العالم الساحر، حيث استطاعت أن تطور الدُمى التقليدية مع الحفاظ على هويتها المحلية، والتي كانت مصدر فرح وسعادة الصغار منذ القدم، لذا قررت إدخال السرور إلى قلوبهم بابتكار دُمى مميزة وفريدة.
وترعرعت بدرية المزروعي وسط عائلة محبة للحرف اليدوية، فتعلمت من والدتها الحياكة، كما اعتادت رؤية خالتها وهي تصنع دُمى بسيطة وتقليدية، فلم يكن منها إلا وأن شقت طريقها في صناعة دُمى مميزة ومتقنة تنافس ما يعرض في الأسواق، وبدأتها بصناعة دُمية لطفلتها التي فرحت بها كثيراً، وتلتها عدة دُمى أهدتها لعدد من الصغار، حتى كونت قاعدة من المعجبين بعرائسها البديعة، خصوصاً بعد إتقانها لفنون الحياكة والتطريز والرسم، لتظهر هذه الدُمى في صورة مبهرة.
ورش متخصصة
وحول ما دفعها للاتجاه إلى هذا الفن، قالت المزروعي: قيمة وأهمية الدُمى في نفوس الأطفال وابتهاجهم بها، وارتباطهم الوثيق بهذه القطعة التي لها مكانة خاصة في قلوبهم، ومن ثم استمتاعها بكل تفاصيل صناعتها، من لحظة رسم البترون إلى أن يظهر العمل بصورته وهيئته الذي رسمته في مخيلتها، هو ما دفعني إلى التوجه نحو هذا الفن ونشره وتعليمه عبر ورش متخصصة أقدمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الدُمى من الصناعات المحدودة في الوطن العربي، رغم وجود مهتمين ومعجبين بها.
هوية وثقافة
ولفتت المزروعي إلى أن الحرف اليدوية لها دور كبير في تنمية وصقل شخصية الطفل وتعزيز ثقته بذاته وبقدراته، ليصل إلى مرحلة الشغف والإبداع الذي يثري عقله ويحفزه على ابتكار وإنتاج أعمال فريدة.
وأوضحت أنها طورت مهاراتها في حرفة صناعة الدُمى، من خلال الاطلاع على فنونها بمختلف البلدان، وذلك بالبحث عبر الإنترنت، واقتناء العديد من الدُمى التي تعكس ثقافة وهوية الشعوب من خلال سفرها المتكرر، إضافة إلى الممارسة والتعلم وخلق أفكار جديدة واحترام آراء الأخرين.
صديقة للطفل
عن مراحل تصميم الدمى وصناعتها، أشارت المزروعي إلى أنها تحرص على انتقاء خامات ومواد صديقة للطفل، بحيث لا تسبب له أي ضرر، وذلك من حيث اختيار نوع القماش والحشو ونوعية الصوف المستخدم، لتبدأ مرحلة العمل على تصميم البترون الذي يختلف من دمية لأخرى، حيث تعمل على تصميمه بنفسها من دون اللجوء إلى البترونات الجاهزة والمتوفرة بكثرة بالأسواق، فرغبتها في أن تظهر الدمى مميزة وفريدة جعلها تبتكر تصميمات مختلفة تعكس الهوية المحلية بطريقة أكثر جمالاً.
سوق محلي
تقترح بدرية المزروعي، ضرورة تأسيس سوق محلي مختص بالصناعات اليدوية، كالخياطة والتطريز بأشكالها المتنوعة، وتقنيات الرسم المتنوعة والهوايات الغريبة، بالإضافة إلى النحت بأشكاله المتنوعة والنجارة وتشكيل المعدن، موضحة أن كل بيت لا يخلو من المهتمين بالحرف، ومن الجميل أن تجد لها مظلة كي تظهر ويتعرف عليها الزوار والسياح الذين يبحثون دائماً عن المنتجات اليدوية التي تعكس ثقافة البلد.