الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

وردة وبليغ.. ثنائي فني وعائلي

وردة وبليغ.. ثنائي فني وعائلي
1 يوليو 2023 01:43

سعيد ياسين (القاهرة)
وردة الجزائرية وبليغ حمدي، من أشهر الثنائيات الفنية والإنسانية، جمعتهما قصة حب قوية، كانت بمثابة نهر من الحب والإبداع، توجت بالزواج وعشرات الألحان الخالدة، ويجمع المؤرخون على أن ما قدمه بليغ لوردة خلال سنوات زواجهما الست، تعد التاريخ الحقيقي لها.
كانت أغنية «تخونوه» التي قدمها عبدالحليم حافظ في فيلم «الوسادة الخالية» العام 1957 بداية العلاقة بين وردة وبليغ، حيث سمعت ألحان الأغنية أثناء وجودها في إحدى صالات السينما بفرنسا، فتعلقت باللحن المليء بالشجن، وبالملحن دون أن تراه.
ولعبت الصدفة دوراً كبيراً، حين تلقت دعوة للحضور إلى مصر من المخرج والمنتج حلمي رفلة الذي قدمها للسينما المصرية العام 1962 في فيلم «ألمظ وعبده الحامولي»، فغمرت قلبها السعادة، لأنها ستلتقي بالملحن الذي انتظرت رؤيته كثيراً.

«يا نخلتين في العلالي»
جمع اللقاء الأول بليغ ووردة بمنزل الموسيقار محمد فوزي في بداية الستينيات، واتفقا على أن يلحن لها أغنية «يا نخلتين في العلالي» التي غنتها في فيلم «ألمظ وعبده الحامولي»، وعندما ذهب لتحفيظها اللحن بحضور الإعلامي وجدي الحكيم بدأت المشاعر بينهما.
وأكد الحكيم أن هذا اللقاء كان شرارة الحب، حيث أخبره بليغ أنه لم يهتز لامرأة إلا عندما تعرف على وردة لأول مرة وسلم عليها، وعندما ذهب بصحبة الحكيم ومجدي العمروسي لخطبتها من والدها رفض دخولهم، ولكن حبهما لم ينته واستمرت لقاءاتهما، فقررت أسرتها الابتعاد بها إلى الجزائر، وتزوجت وردة هناك.
ست سنوات
في عيد الاستقلال العاشر للجزائر العام 1972، دعا الرئيس هواري بومدين وردة لتغني في حفل الاستقلال، وعلمت أن هناك نجوماً من مصر حضروا للمشاركة بالحفل، فقررت الذهاب لتحيتهم، فالتقت بليغ، وبعد انفصالها عن زوجها، خاضت معارك عدة للعودة للفن، خاصة بعدما أقنعها بليغ بألا تحرم جمهورها من صوتها، وأن تتجه لمصر لتبدأ رحلتها الفنية.
تزوج بليغ ووردة في العام 1973، وعقدا قرانهما بمنزل الفنانة نجوى فؤاد، وقام عبدالحليم حافظ بغناء «مبروك عليك»، واستمر زواجهما ستة أعوام، ولم يكن هناك سبب للانفصال سوى تصريحات هنا وهناك بين الحياة غير المنظمة التي يعيشها بليغ، فشعرت وردة بالإهانة وطلبت الطلاق.
30 أغنية
عززت علاقة الحب القوية التي ربطتهما، من الإنتاج الفني بينهما، وتغنى كل منهما بالآخر، فكان بليغ يلحن لها الأغاني بقلبه، ووردة تقدمها بمنتهى الحب لشريك عمرها، لذلك تألق الثنائي، وقدما أجمل وأشهر أغاني الحب، ولحن ما يقارب 30 أغنية بين العاطفية والوطنية.
من تلك الأغنيات، «العيون السود» و«أحبك فوق ما تتصور» و«على الربابة»، و«ليل يا ليالي» و«ليالينا» و«والله يا مصر زمان» و«حلوة بلادي السمرا» و«احضنوا الأيام»، و«ولاد الحلال»، و«حنين»، و«وحشتوني»، و«اشتروني»، و«حكايتي مع الزمان»، و«خليك هنا»، و«دندنة»، و«لو سألوك»، و«مالي»، و«مسا النور والهنا»، و«أنا عندي بغبغان» للأطفال، وأغنيات أخرى بمسلسل «أوراق الورد» الذي قامت وردة ببطولته.
«العيون السود»
أكد الإذاعي والمؤرخ الكبير وجدي الحكيم أن أغنية «العيون السود» التي تعاونا فيها العام 1972، كانت عبارة عن قصة حبهما، حيث كتب أبياتها الأولى بليغ، ثم أكملها الشاعر محمد حمزة بأفكار بليغ أيضاً، وكانت مخصصة لعودتها للفن.
وجاء مطلعها معبراً عن مشاعر بليغ، حيث يقول: «وعملت إيه فينا السنين؟.. فرقتنا لا، غيرتنا لا، ولا دوبت فينا الحنين»، وغنتها وردة بعد عودتها إلى مصر.

«بودعك»
أثناء وجود بليغ في باريس في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بعد الحادث الغامض لانتحار إحدى الفتيات من شرفة منزله أثناء إحدى حفلاته، كان يشعر بالحزن والأسى لفراقه الوطن والحبيبة، فكتب كلمات تحمل الحزن والعتاب ودوّن مقدمة أغنية «بودعك»، ثم أكملها الشاعر الغنائي منصور الشادي ولحنها ووزعها بليغ، ثم أرسلها لوردة فتركتها فترة حتى قضت المحكمة ببراءته في قضية انتحار الفتاة.
عاد بليغ إلى مصر، وحالته النفسية متدهورة، وقتها قررت وردة أن تغنيها العام 1993 وكأنها كانت تعلم أنها بمثابة الوداع الحقيقي لحبها الوحيد لبليغ الذي توفي في 12 سبتمبر العام 1993، عن 62 عاماً بعد صراع طويل مع مرض الكبد.
حب لا يموت
يصف الناقد طارق الشناوي علاقة وردة وبليغ، بأنها واحدة من أهم الثنائيات الموسيقية، لمست أغانيهما القلوب، ورغم ذلك كان هناك ضحايا لتلك الثنائية، وهناك من يرى أن وردة أحالت بليغ إلى ملحن ملاكي، وكان عبدالحليم أشهر الغاضبين والذين دفعوا ثمن تلك الزيجة.
وأشار الشناوي إلى أن علاقة بليغ ووردة كانت أقرب إلى حالة المخرج عز الدين ذو الفقار مع فاتن حمامة، حيث لم يغير الطلاق من الأمر شيئاً، وظلت وردة حبيبته وملهمته حتى رحيله.
رسائل
قيل إن بعض مقدمات الأغاني التي وضعها بليغ لأم كلثوم كانت رسائل غير مباشرة منه إلى حبيبته البعيدة، ومنها «بعيد عنك»، و«الحب كله»، و«سيرة الحب»، و«أنساك»، وأن أم كلثوم عندما علمت بالأمر، قالت له مازحة: «إنت بتشغّلني كوبري للبنت اللي بتحبها».
ذكريات وورود
ذكرت وردة في أحد لقاءاتها أن بليغ كان معتاداً خلال فترة زواجهما أن يضع لها «وردة» بجوار سريرها يومياً، حتى تكون أول شيء تراه في الصباح، وبعدما وقع الطلاق تدهورت حالة بليغ الصحية والنفسية، حتى كاد يصاب بالاكتئاب، وأصيبت وردة بانفجار الزائدة الدودية وكادت تفقد حياتها.
رغم الطلاق، إلا أن مشاعر الحب والمودة ظلت مستمرة، بين بليغ ووردة، كان يردد اسمها قبل وفاته في 1993، وفي المقابل أصيبت وردة بعد وفاته بحالة اكتئاب شديدة، وكانت في كل لقاءاتها تتحدث عنه، إلى أن توفيت في العام 2013، بعده بعشرين عاماً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©