لكبيرة التونسي (أبوظبي)
العيد من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية التي تُدخل البهجة إلى القلوب، وله في الإمارات منذ زمن بعيد طقوس جميلة عنوانها الفرح وتبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء، والتي تُقوي التلاحم الاجتماعي، فضلاً عن ارتباط العيد بالكرم والضيافة.
وذكرت سميحة الكعبي أن لعيد الأضحى خصوصية تجعله يختلف عن عيد الفطر، لكن تبقى طقوسهما التي تحمل أجواء البهجة متشابهة. وفي حين يتميز عيد الفطر بارتداء الملابس الجديدة والتزين بالحناء والمشغولات الذهبية، والاستمتاع بالألعاب الشعبية والفوالة والعيدية، يتميز عيد الأضحى بذبح الأضاحي، وطريقة تجهيز البهارات، حيث كانت النساء يجتمعن في بيت واحد لدق الملح الخشن الذي يجلبه الرجال من البحر لتمليح اللحم، إضافة إلى دق البهارات وتنظيف البيوت وخياطة الملابس، وطهي اللحم على الحطب.
«الفوالة» و«المقلاي»
وأشارت الكعبي إلى أن «فوالة العيد» تتألف من العصيد والعرسية والهريس والقرص وخبز الرقاق والبلايط والخفروش وسواها مما لذ وطاب، موضحة أنه يتم تجهيز الهريس قبل ليلة العيد، لتناوله مباشرة بعد العودة من صلاة العيد. وقالت إن الناس قديماً كانوا يعملون على ذبح أضحيتين لتوزع واحدة على الجيران، بينما الثانية تكون لأصحاب البيت، وفي اليوم الأول يتم طهي طبق يطلق عليه «المقلاي» من قطع لحم الخروف والكبد والكلى والقلب، ويتم إعداده على الحطب، بينما يملَّح اللحم الباقي ليكون جاهزاً للطهي. ومن عادات الأجداد اجتماع النساء في بيت إحدى الجدات، والرجال في بيت كبير السن والمقام، ليتناولوا وجبة الغذاء في مجموعات وسط فرحة كبيرة، لتستمر مظاهر الفرحة في العيد بدق الطبول والأهازيج على مدار 3 أيام.
طقوس جميلة
وأضافت الكعبي: «بعد تناول وجبة الغذاء، تقوم النساء بغسل وتمليح لحم الأضحية، ويضفن إليه حبات تمر في قدر مع البهارات الحلوة ليغلي قليلاً، ثم يتم دهن اللحم به وفرشه على نبات الشوع أو ورق المانجو أو الموز، ويغلفنه بالخيش. وفي عمل جماعي يقوم رجال (الفريج) بتجهيز حفرة كبيرة تتسع لعدد من الذبائح يوضع فيها الحطب وتوقد النار إلى أن يفتر لهيبها، ثم يوضع اللحم داخل هذه الحفرة لمدة 12 ساعة على الأقل، ليستمتع الجميع بتناول أجمل وأطيب أنواع اللحم بعد طهيه. أما بقية اللحوم فيتم تمليحها ونشرها، وبعد أن تجف يتم الاحتفاظ بها لاستخدامها فيما بعد عند الحاجة، وفي اليوم الثالث يتغذى أهل (الفريج) على وجبات السمك».
صلة الرحم
وقالت شيخة عبيد الظاهري إن ذاكرتها ما زالت تحتفظ بأجمل الصور عن طقوس عيد الأضحى المشبعة بالقيم والمعاني، والتي تحرص على تطبيقها إلى اليوم داخل أسرتها. وأكدت أن عادات وتقاليد العيد تتجاوز الذبيحة والبهجة إلى إسعاد الآخرين ومد يد العون لهم وإطعام الفقراء، كما أنه فرصة لإحياء صلة الرحم وتعزيز قيم التعاون والمحبة.
ولفتت إلى أن الأجداد كانوا يحرصون على جلب الأضاحي للبيت، ليفرح بها الأطفال حين يجتمعون ويلعبون ويلهون، بينما تجتمع البنات ويذهبن لزيارة الأهل، قائلة: «في ليلة العيد كنا نضع الملابس الجديدة تحت الوسادة لنرتديها في الصباح الباكر استعداداً لصلاة العيد، وتصل السعادة إلى ذروتها بالحصول على العيدية والذهاب وقت العصر إلى ساحة اللعب، حيث نستمتع بأجواء (المريحانة)».
استقبال الحجاج
ذكرت خديجة الطنيجي أن عيد الأضحى كان يُطلق عليه أيضاً «عيد الحج»، حيث يستعد الأهل لاستقبال الحجاج الذين كانوا يسافرون على متن السفن أو على ظهور الإبل. وتكتمل الفرحة بذبح الخرفان احتفالاً بسلامة وصولهم، بينما تتعاون نساء الفريج لإعداد «فوالة العيد» وخياطة ملابس الأطفال على ضوء «الفنر». وكانت تقتصر على لباس واحد لكل طفل، يرتديه يوم العيد وأحياناً يتم الاحتفاظ به للعيد المقبل، كما كانت النساء يجهزن بعض المأكولات لصباح يوم العيد، مثل الخبيص والهريس والعرسية والرقاق والخمير والخنفروش، ثم يعطرن البيوت بالدخون التي تتميز بمكانة كبيرة في المجتمع الإماراتي.