تطرح دار «كريستيز» قريباً للبيع في مزاد لوحتين للرسام الهولندي الشهير رامبرانت بقيتا بعيدتين عن الأنظار نحو 200 عام إذ كانتا ضمن مجموعة خاصة، وهما عبارة عن رسمين شخصيين (بورتريه) يمثلان سبّاكاً مسناً وزوجته.
لم تكن عائلة بريطانية تدرك أهمية هاتين اللوحتين الزيتيتين للرسام الهولندي الكبير في القرن السابع عشر رغم تقديرها لهما، قبل أن يكتشفهما خبير في دار المزادات المرموقة خلال تقييم روتيني.
من المتوقع أن تحصد اللوحتان، وهما آخر رسمين شخصيين لرامبرانت في حوزة أشخاص عاديين، ما بين خمسة ملايين جنيه إسترليني وثمانية ملايين (أي ما يعادل 6,4 و10,2 مليون دولار أميركي) عند عرضهما في مقر «كريستيز» في العاصمة البريطانية لندن في 6 يوليو المقبل.
وقال هنري بيتيفر المسؤول عن لوحات لكبار الرسامين القدامى في «كريستيز»، إنه رأى «هاتين اللوحتين للمرة الأولى قبل سنوات عدة خلال تقييم روتيني»، مضيفا «لقد ذهلت».
وأضاف «صدمت حقاً عندما اكتشفت أن أي أبحاث لم تُجرَ في شأن اللوحتين، ولم يتم تناولهما في الأدبيات المتعلقة برامبرانت منذ 200 عام»، مع أنهما كانتا معروضتين في أمستردام.
تمثل اللوحتان البيضاويتان، اللتان يبلغ ارتفاع كل منهما 20 سنتيمتراً، ويُعتقد أنهما تعودان إلى العام 1635، سبّاكاً كبير السن يُدعى يان فيلمز فان دير بلويم وزوجته يابغين كارلز.
وكان الزوجان من بين أصدقاء عائلة رامبرانت ويتحدران من مسقط رأسه، مدينة ليدن.
- تَحقُق من التوقيع
قام أحد أجداد أصحاب اللوحتين بشرائهما في مزاد في «كريستيز» في عام 1824، إذ تم إدراجهما على أنهما لرامبرانت. ومنذ ذلك الحين، بقيتا في المجموعة نفسها.
ولاحظ بيتيفر أن اللوحتين «بقيتا محفوظتين ومقدرتين من عائلة المالك طوال قرنين، وكانتا موضع إعجاب كبير، لكن من دون أن يدركوا أهميتهما».
بعد اكتشافهما، بدأ العمل على التحقق من أنهما فعلاً من توقيع رامبرانت.
وشدد المسؤول على أن «الرسمين الشخصيين لم يكونا معروفين، وكان لابد من التعامل معهما بحذر شديد في البداية».
واستدعت «كريستيز» خبراء فنيين وخصوصاً من متحف «رايكسميوزيم» في أمستردام الذي يضم واحدة من أكبر مجموعات رامبرانت في العالم.
وقالت مانيا روتينك الخبيرة في دار كريستيز إن الفريق العلمي في المتحف فحص الأعمال على مدى عامين.
وتأكد المتخصصون الدوليون في الدار من تاريخ ملكية اللوحتين المذكورتين في جردة وضعتها الابنة الكبرى لمواضيع اللوحتين، على ما قالت خبيرة لوحات كبار الرسامين القدامى.
- «مذهل»
وفحص المتخصصون توقيعَي رامبرانت، وما إذا كانا يعودان إلى تلك الحقبة ومكتوبين بطلاء سائل، وقارنوا الأسلوب الفني بأعمال أخرى للفنان.
كانت الخلاصة أن «اللوحتين هما فعلاً للفنان (...)، إنه أمر مذهل جداً»، على ما قالت.
وسلطت اللوحات ضوءًا جديداً على أسلوب رامبرانت، الذي اشتهر برسومه الشخصية الأكبر حجماً والأكثر إبهاراً التي كانت تكلفه بها العائلات الهولندية الثرية.
بدت اللوحتان بحسب بيتيفر «مختلفتين قليلاً، أكثر حميمية... وذات طابع شخصي أكبر».
ولوحتا رامبرانت، اللتان أعيد اكتشافهما، موجودتان ضمن جولة حالياً في نيويورك ولندن، قبل بيعهما بالمزاد العلني في لندن الشهر المقبل.
من غير الواضح ما إذا كان المشتري سيكون فرداً أم متحفاً، ولكن ثمة شيء واحد مؤكد بشأن البيع، وهو أن «اللوحتين أمضتا حياتهما كلها معاً. لذلك، نحن نبيعهما معًا»، على ما قال بيتيفر.