لندن (الاتحاد)
لا تستطيع الميديا البريطانية العيش من دون العائلة المالكة والعكس صحيح أحياناً.. وكل سكان القصور الملكية في لندن ونواحيها أهداف مشروعة للمصورين والصحفيين والكتاب.. هكذا يرى الأمر صناع الأخبار. فكيف يمكن لمحطات التلفزيون والصحف والمنصات بكل فئاتها أن تعيش من دون خبر أو قصة أو قضية عن أحد أفراد العائلة؟ لكن الأمير هاري دوق ساسكس بالتحديد يحظى بوضع خاص بالنسبة للصحافة، خاصة «الشعبية». يقول الأمير الشاب في خضم معركة قضائية عنيفة مع الصحافة: «إن أفراد العائلة المالكة يتم اختيارهم في أدوار سابقة التجهيز من قبل الصحف الشعبية.. فأنت إما «أمير لعوب» أو فاشل أو غبي أو محتال أو شاب متهور مدمناً للشراب أو متعاطي مخدرات غير مسؤول».. ثم يلاحقون الجميع وفقاً لتلك الملامح التي صنعوها بمقاسات تضمن لهم استقطاب المزيد من الجمهور، حتى ولو كانت هذه المقاسات مضللة.
ترك هاري بريطانيا مع زوجته ميجان ميركل لأميركا، لكن الصحافة البريطانية لم تتركه أبداً في حاله.. يحدث ذلك منذ كان رضيعاً، حسبما قال قبل يومين للمحكمة العليا التي تنظر قضيته ضد شركة تصدر صحفاً شعبية بلندن.
تكشف القضية وتفاصيلها نوعاً سيئاً من التغطيات الصحفية، لا يستهدف الحقيقة بقدر ما يسعى وراء الفضائح والتشهير، فقط لمجرد تسلية القراء وإثارة اهتمامهم.
وجدت هذه الصحافة في الأمير الشاب ذي الشعر الأحمر ضالتها.. فمن غيره يمكن أن تتصدر صوره وصديقاته وحكاياته وغرامياته وحتى مكالماته التليفونية، الصفحات الأولى. إنه نجم الغلاف بلا منازع بالنسبة للصحافة الشعبية، خاصة بعدما عبر الأطلسي مع ممثلة أميركية مطلقة سمراء أكبر منه سناً، صمم على الزواج منها رغم تحفظات كثيرين. بالتالي لا يمكن أن ندعه وشأنه.. هكذا تقول صحف مثل ديلي ميل والصن.
لكن هاري لم يتحمل. تولدت لديه كراهية عميقة للإعلام.. يشعر طوال الوقت أنه ضحية وضعه الملكي وحرية الصحافة.
في المحكمة، يوم الأربعاء الماضي، قال هاري للقضاة صراحة في بيان مكتوب: «كم من الدماء ستلطخ أصابعهم قبل أن يتمكن شخص ما من وضع حد لهذا الجنون».
وصف سلوكهم أيضاً بأنه «خسيس تماماً» و«مجرم».
حافظ هاري على هدوئه وتركيزه خلال الجلسة وتعامل مع الأسئلة الصعبة باتزان، بحسب التغطيات الصحفية التي أشارت إلى أن آخر مرة تم فيها استجواب ملكي بقاعة محكمة بريطانية كانت عام 1891.
سألوه في جلسة الثلاثاء الماضي: «هل سيكون من الصواب القول إن لديك عداءً طويل الأمد تجاه الصحافة بسبب تدخلها في حياتك؟». أجاب الأمير هاري: «نعم، هذا صحيح».
المفارقة أن الأمير يرى أن الصحف البريطانية تحتاج إلى محاسبة، لأنها من وجهة نظره تسيء استخدام حرية الصحافة، بل إنه «حتى الشرطة والحكومة خائفتان من محاسبتهما أو السعي لتحقيق العدالة ضدهما». حسبما قال، مضيفاً «يمكنهم حقاً أن يصدقوا أنهم فوق القانون». وفي اللقطات أعلاه بعض أبرز ما قاله في جلستين.