الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كيف غيّرت كورونا صالات التحرير؟

غرفة الأخبار الرئيسة في نيويورك تايمز
6 مايو 2023 01:12

واشنطن (الاتحاد)
هزت فترة كورونا الصحافة العالمية ، مثلما فعلت مع مختلف المؤسسات التي كانت بيئة المكاتب بصورتها التقليدية هي نقطة الأساس وقاعدة الأركان في إدارة الأعمال.
وبعد عامين تقريباً من العمل عن بعد – من المنزل تحديداً- عاد الصحفيون إلى مكاتبهم تدريجياً.. بعضهم أو كلهم.. لكن العائدون بحماس وحذر بدأوا يكتشفون أن الأمر ليس كسابق عهده.. وأن الأيام الخوالي عندما كانت قاعات التحرير صاخبة بدوي الأفكار اللامعة والخبطات الصحفية الرائعة وصليل الأقلام ودقات لوحات مفاتيح أجهزة الكمبيوتر، ربما تكون قد ولت. فحتى الآن وبعد أشهر عديدة من تجاوز محنة الجائحة، يشكو صحفيون كثيرون عبر العالم من أن صالات التحرير، لم تتعاف بعد من آثار كورونا.. إذ يبدو أن اعتياد التباعد لفترة طويلة والعمل عن بعد ترك آثاراً عميقة في فكرة العمل الجماعي من مكان واحد. 
فهل ولى حقاً ذلك النبض الصاخب والعصف الذهني الحاد والطاقة الهائلة التي كانت تزيد مستويات الادرينالين في شرايين الصحفيين حد الإنهاك التام؟. الآن يبدو الأمر وكأنها ذكريات من الماضي السحيق. لم يكن ذلك ليحدث لولا تطبيقات التكنولوجيا الفائقة الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي.. لقد استغلوا فترة العزل المنزلي لفرض كلمتهم وهيمنتهم على الجميع. فالعمل لم يكن ممكناً من غير تطبيقات مثل TEAMS وZOOM. والحياة لم تكن لتصبح سهلة لولا «واتساب» وأخواتها، والعالم ومحيط الأصدقاء والجيران والمعارف لم يكن من الممكن لهم متابعة أخبارهم من دون «تويتر» و«فيسبوك»، أثناء فترات العزلة الطويلة بغرف المعيشة خلف شاشات الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر.
علاقتنا بالأجهزة صارت أقوى وأعمق مما كنا نتخيل، قل التواصل المباشر مع البشر وأصبح هاتفك الصغير صديقك الحميم، والتعبير عن المشاعر والأفكار صار بالإيموجي والرسائل النصية القصيرة التي لا تزيد حروفها عن 240، والتسامح مع الأخطاء اللغوية أضحى بلا حدود، فلا أحد لديه وقت للتدقيق أو للتصحيح.
كل ذلك سيغير بالتأكيد أشياء كثيرة فينا كما يتوقع الخبراء، لأن تطبيع العلاقات بين الآلة والإنسان والتكنولوجيا تخطى الحدود. والنتيجة واضحة في غرف الأخبار. حتى إن جيم روتنبرغ الصحفي بنيويورك تايمز تساءل مؤخراً: «كيف سيكون شكل الصحفيين في واحد من الأفلام الجديدة عن المهنة..بالتأكيد سيظهرون كمجموعة من الأفراد يكتبون تقاريرهم من شققهم، محاطين بالنباتات المنزلية الحزينة». وفي مقال يبدو كرثاء حزين لقاعات التحرير التي كانت، تنقل الكاتبة الشهيرة ماورين دوود بصحيفة نيويورك تايمز عن زميلها المراسل الاستقصائي مايك إيسيكوف، قوله «كانت غرف الأخبارعبارة عن مجموعات من النميمة والنكات والقلق والشخصيات المرحة الغريبة. الآن نجلس في المنزل وحدنا نحدق في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا. يا له من تغير».
وتنقل أيضاً عن مارك ليبوفيتش، الكاتب في مجلة ذي أتلانتيك قوله: «لا أستطيع التفكير في مهنة تعتمد على التناضح، والتواجد حول أشخاص آخرين، أكثر من الصحافة.» ويضيف أنه يقوم بمعظم الاجتماعات من المنزل ثم «في نهاية مكالمة Zoom هناك نقرة واحدة فقط في نهاية الاجتماعات. لا شيء يتدفق بعد ذلك، مع أنه يمكنك حقاً تعلم الأشياء من المحادثات الصغيرة التي تلي الاجتماعات»، مؤكداً أن «أفضل مدرسة للصحافة هي سماع الصحفيين وهم يقومون بعملهم».
وتنقل أيضاً عن الصحفي ديفيد إسرائيل قوله «حولت المحادثات والمنافسات بين الصحفيين غرف الأخبار إلى حاضنات للأفكار العظيمة».
وتمضي دوود قائلة: «كانت وظيفتي في بداية حياتي المهنية قبل عقود طويلة أن أكتب على الآلة الكاتبة الخاصة بي ما يمليه علي الصحفيون العائدون من الميدان. كان الصخب عالياً .. ليس فقط لأن الفئران كانت تمر أحياناً عبر لوحات المفاتيح الخاصة بالآلة الكاتبة.. بينما الآن ها أنا ذا أكتب مقالي وأنا في غرفة أخبار مهجورة في مكتب نيويورك تايمز بواشنطن».
مساومات ومفاوضات 
يعد العمل عن بُعد أولوية رئيسة في مفاوضات العقود بين نقابة الصحفيين في نيويورك تايمز والإدارة العليا.. تصر النقابة على أن يأتي الصحفيون إلى المكتب لمدة لا تزيد عن يومين في الأسبوع هذا العام وثلاثة أيام في الأسبوع بدءاً من العام المقبل. وقد التزمت الإدارة، بسياسة ثلاثة أيام في الأسبوع هذا العام لكنها تريد الاحتفاظ بالحق في توسيع ذلك في المستقبل، وتقول إن الشيء الوحيد الذي يقلقها هو أن شباب الصحفيون سوف يتسلل إليهم الكسل وسينظرون إلى المؤسسة على أنها مجرد كيان تجريدي متخيل لو إذا استمروا طويلاً في العمل عن بعد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©