السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: الذكاء الوجودي

د. شريف عرفة يكتب: الذكاء الوجودي
22 ابريل 2023 00:42

من أشهر نظريات الذكاء ما قال به البروفيسور هوارد جاردنر بجامعة هارفارد، من أن الذكاء ليس صفة واحدة بل هو أنواع متعددة يتفاوت نصيب كل إنسان منها، وهي الذكاء اللغوي «كالشعراء والأدباء»، والمنطقي الرياضي «كالمحاسبين والإحصائيين»، والبصري الفراغي «كالمصممين والرسامين» والذكاء الجسدي الحركي «كالرياضيين والراقصين» والموسيقي «كالعازفين والملحنين» والداخلي «إدارة المشاعر والدوافع الذاتية» والذكاء الاجتماعي «بناء العلاقات وفهم الآخرين» والذكاء مع الطبيعة «مثل المزارعين ومحبي التخييم... إلخ».
إلا أن أغلب الناس، لا يعرفون أنه اقترح في كتبه الأخيرة نوعاً تاسعاً من الذكاءات.. هو الذكاء الوجودي، أو ما أسماه «ذكاء الأسئلة الكبرى».. فما هو بالضبط؟
الذكاء الوجودي هو الذكاء المتعلق بالتصدي للأسئلة الكبرى، مثل التفكير في معنى الحياة والوجود والهوية والفناء وتطور القيم، وتكوين وجهة نظر تعكس فلسفة الإنسان الشخصية في مواجهة العالم..
كثير من الناس لا يشغلون أنفسهم بمثل هذه الأمور.. لا يطرحون أسئلة تتجاوز تفاصيل واقعهم المعاش، إلا أن الأذكياء وجودياً -لو صح التعبير- يستطيعون تجاوز العديد من الصعاب وتحقيق حياة سعيدة بمفهومهم الخاص.. بمعنى آخر، الذكاء الوجودي مفيد من الناحية العملية وليس مجرد رياضة فكرية.. كيف ذلك؟
الذكاء الوجودي يجعلك أكثر قدرة على إدارة أولوياتك في الحياة.. معرفة أهدافك وتحديد ما يمكنك التخلي عنه في سبيل هدف أكثر أهمية.. فهو يساعدك -مثلاً- في تغيير مهنتك أو اختيار عرض العمل الذي يناسب منظومتك الفكرية أكثر..
كما يزيد الذكاء الوجودي من الرضا عن الحياة بشكل عام.. فهمك لمكانك الحقيقي وسط العالم وإدراكك لعدم مثاليته، ومعرفة أن كثيراً من الناس يتسارعون وراء أوهام لن تحقق لهم سعادة حقيقية، يجعلك أقل تعلقاً بما لا أهمية له، وبالتالي أكثر رضا.
كما أن الذكاء الوجودي يساعدنا عند مواجهة تحولات كبرى في الحياة.. مثل تغيير العمل أو الانتقال والعيش في مكان جديد.. عندها يشق الإنسان طريقه في عالمه الجديد مسترشداً ببوصلته القيمية وفهمه لطبيعة الحياة، ما يساعده في تحقيق للسلام الداخلي في خضم التغيير وعدم اليقين.
كما أنه يساعدنا عند حدوث خسارة أو فقدان.. فهمنا لطبيعة الوجود وسعينا لخلق المعنى في الحزن يساعدنا في التجاوز كي نخرج من هذه التجربة أكثر نضجاً وفهمنا لأنفسنا ولحياتنا.
ويبدو أن الذكاء الوجودي مهارة يمكن تنميتها.. بالقراءة في موضوعات عميقة، وعدم الخوف من طرح الأسئلة الكبرى والخوض في مسائل فكرية وتتبع أدلتها وأدلتها المضادة.. ومصاحبة أصدقاء مفكرين ننخرط معهم في نقاشات فكرية وفلسفية، أو كتابة خواطرنا لترتيب أفكارنا وخلق معان جديدة، بالإضافة لخوض تجارب متنوعة تثري وجداننا وتوسع من مجال إدراكنا.
فإلى أي مدى تعتبر نفسك ذكياً وجودياً؟
ومن هو الشخص الذي خطر ببالك وأنت تقرأ هذا المقال؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©