عبد الله أبوضيف (القاهرة)
أول ما بُني في الكوفة «المسجد» الذي يُعتبر أحد أقدم وأهم مساجد العراق، وهو شاهد على تاريخه منذ دخول الإسلام إليه وحتى اليوم.
4 أسهم كانت حدود المسجد رماها الصحابي سعد بن أبي وقاص في الجانب الغربي من نهر الفرات، ليكون بداية تخطيط مدينة الكوفة، التي كانت لفترة من الزمان عاصمة رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب. بنى المسلمون مساجدهم في البداية بطريقة بسيطة، السور من الطين ومظلة صغيرة يحتمون تحتها من حر الصيف، ولكن في عهد الخليفة عمر بن الخطاب أعيد بناء المسجد ليتسع لـ 40 ألف مصلٍ ومقاتل توجهوا إلى الفتوحات الإسلامية في كل مكان. وعلى مدار التاريخ الإسلامي، شهد المسجد الكثير من أعمال التطوير، وبلغت مساحته 11 ألف متر مربع. تحيط به مجموعة من الأسوار المرتفعة بطول 20 متراً، مع 28 برجاً لتدعيم الأسوار، و5 أبواب أشهرها بابا الحجة والرحمة. تتألف عمارة المسجد من 187 عموداً قديماً تعود إلى القرن السادس الهجري. ومن عادات بناء المساجد في ذلك الزمن أن تضم الكثير من المحاريب، أحدها يمكن الوصول إليه عن طريق سلم صغير يؤدي إلى حجرة فيها محراب منعزل.
وليست العمارة التاريخية وحدها أهم ما يميز المسجد، ولكن هناك قيمة علمية له حيث تخرج فيه آلاف العلماء المتخصصين في العلوم الدينية والدنيوية، في الفقه والحديث والنحو والصرف والفلسفة والفلك والكيمياء والطب.
من بين جنبات هذا المسجد العريق، خرج الخط الكوفي، وعلى مدار القرون الهجرية الثلاثة الأولى، كانت أيدي أمهر الكتاب تخط القرآن الكريم في المسجد بالخط الكوفي، أحد أشهر أنواع الخطوط العربية.
ومع استمرار أعمال التطوير للمسجد، ظل محراب الإمام علي بن أبي طالب، الأكثر إبهاراً وجذباً للزوار، وهو مزين بالمرمر والألومنيوم المذهب المبني من الرخام الإيطالي، ويعود تاريخ المحراب إلى عام 40هـ.