لكبيرة التونسي (أبوظبي)
ارتبط «البرقع» بالذاكرة الجمعية والهوية الوطنية لأهل الإمارات، هو رفيق الخليجيات عموماً، يُستخدم لستر الوجه ووقايته، يُعتبر رمز الحشمة والوقار. ارتدته النساء قديماً وبرعن في صنعه، حيث كن يتعاون على «قرض البراقع» ضمن أنشطة جماعية. وقد اختلفت «البراقع» باختلاف إمارات الدولة، وتنوعت حسب الأعمار. منه ما كان يُستخدم في الحياة اليومية، ومنه كان يخصَّص للأفراح والأعراس، كما اختلف شكله بالنسبة للفتيات والنساء المتزوجات.
مكانة خاصة
ذكرت فاطمة راشد صانعة «براقع»، أن لـ «البرقع» مكانة اجتماعية كبيرة لدى نساء الخليج عموماً، موضحة أن الإماراتية كانت في السابق ترتديه طوال اليوم، ولا تنزعه إلا وقت النوم. وكان حاضراً في مختلف المناسبات، فيما يزيد الإقبال عليه خلال الأعياد وحفلات الزواج، لافتة إلى أنه كان رمز الوجاهة والفخامة، وكان البعض يزينّ البراقع الخاصة بالعروس بمشاخص من الذهب ليلة زفافها.
وقاية
وأشارت إلى أن «البرقع» رافق المرأة قديماً في كل الأوقات، وكان زينة ووقاية من تقلبات الجو، وعلاجاً أيضاً لاحتوائه على مادة «النيلة» التي تعالج بشرة الوجه من البثور، موضحة أن خامته كانت تشكل مادة تجميلية للمرأة والفتاة، وحماية من لفحات الشمس، مع إضفاء نعومة ولمعان على البشرة.
«قرض البراقع»
وأوضحت فاطمة، أن «البرقع» كان يعكس جانباً من شخصية المرأة قديماً، فهو يُعتبر من أهم مكونات الأزياء الشعبية التقليدية. وهو على بساطته، لم يقتصر على نوع واحد، حيث اختلف باختلاف المناطق وتنوع وفقاً لمن ترتديه. «برقع» الفتاة كان ذهبي اللون يميل إلى الأصفر اللامع، وكانت فتحتا العينين واسعتين، أما «برقع» كبيرات السن فتضيق فيه فتحة العين، وتتسع مساحته لتغطي الوجه، ولونه يميل إلى الأحمر اللامع.
وأضافت: يُعتبر «قرض البراقع» من الحرف التقليدية البسيطة، بسبب تواضع الأدوات المستخدمة في إنجازه، ما يؤكِّد مدى استغلال المرأة في الماضي للإمكانات المتوفرة في بيئتها، وتطويعها لتلبية احتياجاتها. كما أن تجهيزه لا يستغرق وقتاً طويلاً، إذ يتطلب إنجاز «البرقع» ساعة واحدة، أو أكثر بقليل حسب حجمه. وخامة «البرقع» عبارة عن قماش قطني مشبع بصبغة النيل، ومنها الأخضر الذهبي والبنفسجي القريب من العنابي.
إحياء للموروث
قد يقتصر ارتداء «البرقع» في أيامنا على كبيرات السن، إلا أن المهرجانات والمعارض تحرص على إحياء هذا الموروث ونقله للأجيال. وذكرت فاطمة أن الجدات والنساء المتقدمات في السن ما زلن يحافظن على تغطية غالبية مساحة الوجه بارتداء «البرقع»، بينما قل استخدامه بين الشابات اللاتي يقبلن عليه في المناسبات التراثية.
حرفة تقليدية
أشارت فاطمة راشد إلى أن «قرض البراقع» يدوياً، من أبرز الحرف التراثية التقليدية التي تمارسها الحرفيات حتى اليوم، لاسيما في المهرجانات والمعارض للتعريف بالموروث الإماراتي الأصيل. وهنالك إقبال عليه من في مختلف المناسبات، وكان لزاماً على الفتيات ارتداؤه في الماضي لتغطية الوجه عند بلوغهن أو عند عقد قرانهن، مراعاة للعادات والتقاليد المجتمعية.
خياطة يدوية
عندما نتحدث عن «البرقع» الإماراتي، نستدعي صوراً اجتماعية ارتبطت بهذا الموروث، حيث كانت النساء يعملن عليه ضمن مجموعات، وبعضهن كن يجلبن خامته الأصلية لبيعها لنساء «الفرجان» حسب احتياجاتهن. وكانت خياطة «البراقع» تتم يدوياً، باستخدام أدوات بسيطة لقرضه، كالإبرة والخيط والمقص.