لكبيرة التونسي (أبوظبي)
نجح الأسلاف في إيجاد حلول لمختلف التحديات التي كانت تعترضهم في ذلك العهد، وبفعل ذكائهم تصدَّوا للأمراض وعالجوا حتى المستعصية منها. استثمروا خيرات الطبيعة واجتهدوا حتى راكموا خبرات كبيرة في مجال يُطلق عليه العلاج الشعبي أو الطب التقليدي، وهو علاج قديم يداوي الأوجاع ويقضي عليها، باعتباره العلاج السائد آنذاك، إذ إن معظم الناس كانوا في الماضي لا يعرفون الأطباء وإنما يتداوون بالأعشاب وبالوسم.
نشاط اجتماعي
العلاج الشعبي في الإمارات هو منذ القِدم نشاط اجتماعي اجتذب إليه الناس. وهذا النوع من التداوي اتسع وانتشر وكان المقبلون عليه والواثقون بفعاليته لا يقتصرون على الشرائح الاجتماعية الفقيرة والبسيطة. والطب الشعبي مهنة إنسانية متأصلة، مارسها الرجال والنساء الذين أوجدوا عدة أساليب لعلاج بعض الأمراض التي كان يعاني منها أفراد المجتمع، باستخدام مواد بسيطة تجود بها الطبيعة.
مختلف الأمراض
والعلاج الشعبي من الطرق التقليدية في علاج الأمراض وتخفيف الآلام اعتماداً على الحدس وتبادل الطرق العلاجية والخبرة. وتؤكد المُعالِجة عيدة مبارك مرزوق المنصوري، والتي راكمت خبرة تفوق 40 سنة، حيث عالجت آلاف المرضى، أنها استكشفت استخدامات النباتات والأعشاب في العلاج، مثل الكركم والزنجبيل والسدر وأم حلب واللوبان وحب الرشاد، وسواها من الأعشاب التي كان يؤتى بها سابقاً من البر. ومع وفرتها في السوق، باتت تقتنيها من عند العطارين وتعمل على تنظيفها ودقها لاستخدامها في موضع الألم أو الكسر أو للعلاج الباطني.
الوسم
من الأمراض التي كان يداويها المعالج الشعبي أو ما يطلق عليه «المُطبب» عن طريق الوسم والمسح: مرض الكبد، «أبوصفار»، «عرق النسا»، «الِّلوَز»، تأخر الحمل، «أبوعظمين»، «الغدة الدرقية»، «بوجنيب»، «وجع الرأس»، «القولون» و«وجع الظهر». وبحسب عيدة مبارك كان «المُطبب» يعالج أمراض الركب والمفاصل والعظام، ويعمل على إعداد خلطات علاجية مصنوعة من الأعشاب التي كان يتم جمعها من المناطق الجبلية والصحراوية.
وكان يعمل على علاج معظم الأمراض، من حمى وسعال ومغص وكسور. وتذكر أنها عالجت آلاف المرضى، حيث تكونت لها دراية عميقة بكيفية معالجة الأمراض الأكثر صعوبة، ومنها العقم عند النساء، وآلام المفاصل والعظام، باستخدام العديد من الأعشاب كالجعدة والميرامية والزعتر والأعشاب المحلية التي كانت تعتبر دواءً فاعلاً للكثير من الأمراض.
الطب الشعبي
وتقول مبارك: إن الطب التقليدي مهنة متأصِّلة في المجتمع الإماراتي ومتوارثة، مارسها الأجداد واعتمدت على الخبرة والتجربة، حيث استمدت من الطبيعة مكوناتها واستخدمت كل ما هو طبيعي من حبوب وبذور. واعتمدت هذه المهنة على أدوات بسيطة في العلاج، وكانت تعتبر مصدراً من مصادر الرزق لمن يمارسها، وكان يحظى باحترام وتقدير ضمن «الفرجان».
وكان المطيِّب بمثابة الطبيب حالياً، يلجأ إليه الناس في كل الأوقات. وقام الرجال والنساء بهذا الدور في مختلف «الفرجان»، وفي المدن والبوادي والبيئات الإماراتية، وهنالك من المُطببين من كان يُشهد لهم بالحنكة.
20 عاماً
تدرّبت عيدة مبارك على يد والدها، ومارست «الكي» أو «الوسم» لأكثر من 20 عاماً، مشيرة إلى أنه لهذا العلاج قواعد، منها ضرورة تحديد موضع الألم، ونوع المرض الذي يعاني منه المريض، والتأكد من أن المريض بحاجة إلى «الكي» وأن مرضه يستدعي ذلك.
أساليب تقليدية
أوضحت عيدة مبارك أن الطب الشعبي اعتمد على استخدام أساليب تقليدية مازالت تُستخدم في وقتنا الحالي، منها أسلوب العلاج بالميسم أو«الوسم» ويطلق عليه أيضاً «الكي». وهو عبارة عن حديدة توضع على النار، وتُستخدم في كي المكان المصاب في جسم المريض، وفي علاج «أبو جنيب» و«عرق النسا» والأعصاب والشد العضلي وآلام المفاصل والفقرات، وتورّم الطحال. وكان السكان يعتمدون على الطب الشعبي في معالجة المرضى.