تامر عبد الحميد (أبوظبي)
تحت شعار «أكثر من مجرد ممثل»، انطلقت العروض المسرحية لمهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما 2023» بمشاركة 11 مسرحية من مختلف أنحاء العالم، قدمها نخبة من محترفي «أبو الفنون»، خصوصاً في مجال مسرح «الممثل الواحد»، وشكّل المهرجان ملتقى حقيقياً للحوار وتبادل الأفكار والحلقات النقاشية كمخرجات عملية وتنظيرية في هذا المضمار، إلى جانب الاستمتاع بالفنون الشعبية والأجواء التراثية.
أداء محترف
وشهد المهرجان عروضاً على مسرح جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، بينها المسرحية الإماراتية «مايسترو» التي نالت صدى كبيراً ضمن عروض المهرجان في نسخته العاشرة، من تأليف وإخراج عروة العربي، تمثيل إبراهيم القحومي، وإنتاج فرقة مسرح دبا الفجيرة. وقدم العربي نصاً صعباً وعميقاً من الناحية الفكرية والأداء المحترف، وصولاً إلى الديكور والإضاءة والخلفية الموسيقية، ومنذ المشهد الأول تمكن إبراهيم القحومي من جذب أنظار الحضور، لما يتمتع به من مهارة عالية في المزج بين الأداء التمثيلي والحركة الجسدية المتناسبة مع الموسيقى على خشبة المسرح. وتناول العرض فكرة الحياة الصعبة التي يعيشها البشر على كوكب الأرض، من حروب ومجاعات وأوبئة وتلوث وزلازل، بينما يحاول الـ«مايسترو» أن يصارع هذه الحياة المليئة بالكوارث الطبيعية والكونية، ويصر على الاستمرار والتقدم نحو الأمام، لأنه الخيار الوحيد للصمود، فيقود فرقته الموسيقية متأملاً بأن الموسيقى هي الخلاص. واستطاع المؤلف والمخرج عروة العربي من خلال هذا العرض أن يقدم رسالة إلى العالم، مفادها أنه يمكن تلافي الكوارث والحروب، بالحب والسلام، وقد أتقن ذلك من خلال الموسيقى والإضاءة المصاحبة للعرض، وكشف العمل عن وجود إمكانات إماراتية شابة قادرة على التصدي لنصوص صعبة من هذا النوع، ما يؤكد دور مهرجان «الفجيرة للمونودراما» في الكشف عن المواهب الواعدة، وتقديم الدعم لها في عالم فن المسرح.
واستحضر نص «سوفوكليس» التاريخي في مسرحية «أنتيجون» المكسيكية، إخراج ريفيوجيو وبطولة لوسيرو أريولا، الذي يناقش أفكاراً إشكالية أهمها الصراع بين القوانين الوضعية والماورائية، ويطرح تساؤلات إشكالية حول حقوق الحاكم وحقوق الشعب. وبالرغم من أنه نص قديم، إلا أنه يحمل روح العصر، حيث بذلت لوسيرو أريولا جهوداً أثناء العرض، وحاولت عبر انفعالات الوجه والحركات الأدائية، أن تعبر عن مرحلة من قصة سوفوكليس، حتى وصل بها الأمر إلى النزول عن خشبة المسرح وتقديم مشهد صغير أمام الجمهور.
العالم في الفجيرة
أشاد الممثل سامح الصريطي بالعروض المسرحية المقدمة في النسخة الحالية من مهرجان «الفجيرة للمونودراما»، ضمن أجواء تراثية فنية، وقال: يظل المسرح يحمل قضايا الإنسان وتطلعاته، ويظل ينمو بالأساليب الجديدة والتقنيات الحديثة في عالم أكاديمي وعملي وتطبيقي من حيث الممارسة على خشبة المسرح لخلق أجيال تؤمن بالمسرح وتجلياته الإنسانية، لافتاً إلى أنه أعجب كثيراً بمسرحية «الماسترو» التي ركزت على أداء الممثل الذي يتمتع بحس كوميدي وحضور عال، مثنياً على الفكرة الجديدة للعرض والجهود التي بذلت.
من جهته، أكد الممثل جمال سليمان أن مهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما» جدّد للمسرح مكانته السامية، وموقعه الأول بين الفنون الإنسانية، ليجمع العالم على أرض الفجيرة، ويدفع المشهد المسرحي نحو آفاق متجددة من الطرح والعمل الجاد، معبراً عن سعادته بأن يكون أحد الممثلين المشاركين في هذه الجمعية الفنية المميزة.
وأعرب الممثل إبراهيم القحومي عن سعادته لمشاركته في «الفجيرة للمونودراما» بمسرحية «مايسترو»، مؤكداً أن هذه المهرجانات الثقافية والفنية تخلق جواً من الإبداع، وتعتبر بمثابة المنصة الأهم لاكتشاف الطاقات والمواهب الجديد في مجالات مختلفة من الفنون. وقال: لقد وفر لي المهرجان الفرصة الذهبية، بتقديم عمل مسرحي متقن، أظهرت من خلاله قدراتي في التمثيل.
وأكد الممثل محمد المنصور أن «الفجيرة للمونودراما»، مشروع فني نوعي تفردت به الفجيرة، وساهمت في انتشاره عالمياً ليتشارك رواد الفن الأدائي مواضيعه وأفكاره وتحدياته، لافتاً إلى أن المهرجان أكد أهمية المسرح باعتباره الفن الأول الذي اشترك به العالم وتناقله عبر القرون.
واعتبر الممثل سلطان النيادي لقب المسرح «أبو الفنون»، اسماً على مسمى، لاسيما أن المسرح هو أساس التمثيل، ويأتي مهرجان «الفجيرة للمونودراما» ليحتفي بالمسرح ورواده في مجال الفنون الأدائية من مختلف أنحاء العالم، بتقديمه العديد من العروض المسرحية من أكثر 30 دولة، مشيداً باستضافة الفجيرة للمرة الأولى عربياً لفعاليات الكونغرس العالمي للهيئة الدولية للمسرح وقمة المسرح، لبحث ومناقشة أهم قضايا المسرح المعاصر وتحديات قطاع الفنون الأدائية في العالم.
وتحت عنوان «الفجيرة تجمعنا» استمتع حضور المهرجان بالعروض التي قدمت في القرية التراثية في جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، وتضمنت عروضاً أدائية للفنون التراثية الشعبية، منها «العيالة» و«الرزفة»، مع توفير منصة تراثية لتجربة المنتجات المحلية والأكلات الشعبية.