خولة علي (دبي)
نصادف في حياتنا الكثير من الأطفال الذين يتميزون عن أقرانهم بشخصية واثقة جريئة وقيادية، وعندما ندقق ونمعن النظر جيداً، نرى أنهم يمتلكون موهبة ما، تكسبهم حضوراً وتألقاً وجاذبية. فالموهبة عنصر مهم لا يمكن تجاهله، ولا بد من إيجاد مساحة يستطيع الطفل من خلالها أن يعبر عن ذاته ويجد سعادته ويصقل شخصيته. فكيف نكتشف موهبة الطفل ونعمل على تنميتها؟
تشير الاختصاصية الاجتماعية فاطمة الظنحاني إلى أن الموهبة قدرات طبيعية موجودة في الإنسان، وتختلف من شخص لآخر، تعمل على تعزيزها الكثير من المؤثرات مثل الأسرة والفرص التعليمية والتحفيز والصحة. وتؤكد أن الأطفال في عمر 6 سنوات تبدأ لديهم ملامح ظهور الموهبة، لذلك نلاحظ الطلاب في المرحلة الابتدائية يميلون كثيراً إلى ممارسة بعض المهارات الرياضية أو الفنية، ويمكن للمعلمين ملاحظة الطالب الذي ينجز المهام بكفاءة أعلى من طالب آخر في المرحلة العمرية نفسها. ولا بد من النظر بعناية إلى الجزء البارز في شخصية الطفل وملاحظة نقاط القوة التي يميل إليها والعمل على صقلها.
مكافأة الطفل
وتذكر الظنحاني طرقاً عدة يمكن من خلالها اكتشاف موهبة الطفل، منها الانتباه إليه أثناء اللعب، وماذا يفضل عندما يلعب بمفرده، لنتمكن من فهم اهتماماته وتحويلها إلى موهبة، إضافة إلى تشجيعه على التحدث عما يحب وما يرغب به عند اللعب. فقد يحتاج إلى أدوات أو موارد يمكن توفيرها، فضلاً عن المدح والثناء. وعند إنجاز الطفل لفكرة معينة يجب على الوالدين النظر إليها بأهمية وعناية، ومكافأته على العمل الجاد الذي حاول من خلاله إظهار هذه الفكرة. والطفل الذي يحصل دائماً على الثناء، تكون لديه الرغبة في الخوض أكثر في تجارب وأفكار مختلفة، وخلال تنفيذها يمكن أن يرتكب بعض الأخطاء، إلا أن ذلك لا يمنع من مواصلة تشجيعه ودفعه إلى الأمام.
شخصية قيادية
تشير الاختصاصية الاجتماعية فاطمة الظنحاني، إلى أن الموهبة تلعب دوراً في تنمية شخصية الطفل ليصبح قيادياً، إذ إن الطفل يمتلك نوعاً من سمات القيادة، ولديه الرغبة بأن يكون الأفضل، كما يتميز بمرونة الشخصية والقدرة على التعامل مع محيطه ومواجهة التحديات، ويمتلك موهبة تمكنه من تحسين سلوكه وفقاً لما يتطلبه الموقف، مع محاولة الانضباط مع القوانين.
استثمار مبكر
وتتحدث فاطمة العامري، صاحبة منصة عالم فطيم لتطوير موهبة الأطفال، عن تجربتها في تطوير مهارات الطفل، قائلة: إن اهتمام «عالم فطيم» بعملية تطوير موهبة الطفل تنبع من حقيقة راسخة، وهي أن الطفل نواة المجتمع، وطفل اليوم هو قائد المستقبل. ومن المهم أن يتم صقل هذه المواهب باختلاف أنواعها، في مجالات الإبداع والفنون والرياضة والكتابة والأدب والموسيقى، وهي في مجملها استثمار مبكر في مستقبل الطفل والأسرة والوطن، مع محاولة البحث عنها واكتشافها. ولا بد من تخصيص وقت للطفل من قبل والديه والإنصات إليه وتشجيعه على خوض تجارب حياتية، لأن الأخذ بيده مسؤوليتنا جميعاً كجهات ومؤسسات داعمة، جنباً إلى جنب مع الأسرة.
ضبط السلوك
وتوضح المستشارة النفسية والتربوية حنان الكربي، أن للموهبة أهمية كبيرة في حياة كل فرد في المجتمع، وباستطاعة التربويين وأولياء الأمور تحفيز هذه المواهب من خلال توفير المقومات في حياة الطفل، ليجرب مختلف الأنشطة والهوايات حتى يجد شغفه في الاستمرار في مجال ما، ويصبح موهوباً فيه. وبذلك يقضي الطفل معظم وقته في تطوير موهبته، ولا ينشغل بأمور أخرى من الممارسات الخاطئة أو إضاعة الوقت في شؤون غير مجدية، ما يسهم في ضبط سلوكه.
وتؤكد الكربي أن محاولة إظهار هذه الموهبة مسؤولية البيئة التي يعيش فيها الطفل، سواء في البيت أو المدرسة، ويجب العمل على تنميتها حتى يتمكن منها الطفل بشكل احترافي وإبداعي، ليمثل الدولة في المحافل المحلية والعالمية، ويرفع اسم بلاده عالياً.
تحفيز مستمر
وتتحدث فضيلة الخوري (ربة منزل)، عن تجربتها في احتواء أبنائها وتطوير مهاراتهم، مشيرة إلى أنها اكتشفت مواهب أطفالها حمدان وشيخة وخليفة، في سن مبكرة. وبالتعاون مع المعلمات ودعم إدارة المدرسة تم تشكيل فريق للمواهب، والعمل على صقلها حيث تم تقديم فقرات إذاعية تضم مواهب متنوعة حسب توزيع الأدوار، إذ إن دعم مواهب الأبناء جزء لا يتجزأ من رعايتهم وتنشئتهم بشكل سليم، مع ضرورة توفير المناخ المناسب لتنمية مهاراتهم وتشجيعهم على تطويرها ووضع خطة للفصل بين واجبات المدرسة وتنمية الموهبة.
وقد شجعت الخوري أبناءها على المشاركة في مناسبات مجتمعية ومسابقات، سواء داخل المدرسة أو على مستوى الدولة، ما كان له الأثر الطيب في تنمية قدراتهم، لأن امتلاك الموهبة أمر عظيم يمنح الموهوب شعوراً بالفخر والثقة بالنفس.