عندما شعرت بأول هزات أرضية من الزلزال، الذي ضرب سوريا وتركيا الأسبوع الماضي، أيقظت أم كنعان أطفالها الثلاثة ونقلتهم إلى خزانة صغيرة في غرفة نومها ليلوذوا بها جميعا إلى جانب مجموعة من الصور والوثائق العائلية. سوَّى الزلزال مبناهم السكني الكائن في مدينة جبلة السورية الساحلية بالأرض مما أدى إلى مقتل جميع جيرانهم تقريبا. ونجت الأم وأطفالها الثلاثة، الذين كانت شقتهم في الطابق الرابع، ومعهم حقيبة ذكرياتهم الثمينة. كانت أم كنعان وطفلتها الصغيرة مندستين داخل مساحة في الخزانة لا يزيد عرضها على متر واحد، بينما كانت ابنتها الكبرى وابنها الثالث في زاوية بين الخزانة وسريرها، مستخدمين الوسائد لحماية نفسيهما عندما انهار المبنى.
وقالت إنها ظلت مصدومة وتتساءل "معقولة البناية اتهدت؟ هل هذا حلم؟"، ثم حاولت التحرك ولم تستطع. وقالت إن "قدرة إلهية" جعلتها تترك هذه المساحة الصغيرة داخل خزانتها خاوية. ونجا زوجها إذ لم يكن في منزله عندما وقع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة، مما أدى لمقتل ما يزيد على 5000 شخص في سوريا و35 ألفا في تركيا.
كانت الأم وأطفالها محاصرين تحت الأنقاض. طلبوا المساعدة من رجال الإنقاذ الذين أزالوا الحطام من فوقهم. وقالت "صاروا يحاولوا يسحبوا السطح عن الخزانة والحمد لله طلعوا الولاد بخير وطلعوني أنا والصغيرة بخير"، مضيفة أنها ظلت ممسكة بالحقيبة وأخرجتها معها. وتحول منزلهم إلى أنقاض ودُمر كل أثاثهم وممتلكاتهم، فاتجهوا إلى منزل أحد الأقارب ومعهم حقيبة الذكريات، آخر ممتلكاتهم.
قالت أم كنعان إنها شعرت بعدم الارتياح في الساعات التي سبقت الزلزال، فأعدت الحقيبة في اليوم السابق، وملأتها بشهادات الأسرة وبطاقات الهوية وشهادة زواجها، فضلا عن ألبومات الصور والمقاطع المصورة لحفل زواجها. وقالت، وهي تقاوم دموعها بينما تتصفح ألبوما من الصور وتخرج ألبوم حفل زفافها، إنها كانت تعيش في هذا المنزل منذ نحو ثماني سنوات ولم تفكر مطلقا في تخزين الأشياء بهذه الطريقة من قبل. ومتذكّرة اللحظة التي خرجت فيها من تحت الأنقاض بحقيبة، قالت إنها شعرت "بالنصر". وأضافت "أكتر من هيك ما كان بدي عن جد. هاي الذكريات بتعني لي كل شيء".