عدد اليوم
خولة علي (دبي)
يبدع الفنانون في ترجمة أفكارهم إلى أعمال فنية تصوِّر ثقافاتهم وموروثهم الشعبي، كجزء لا يتجزأ من هويتهم، وذلك رغبة منهم في التعريف بها وبناء جسر للتواصل الثقافي والفني بين الثقافات الأخرى، بما تحمله هذه الأعمال من صور ومشاهد تعكس تفاصيل حياة أهل المنطقة قديماً، ممن استطاعوا أن يشيدوا مجتمعاً طموحاً من مقومات بسيطة، ما زالت آثارها باقية كموروث مادي. ومن هنا سخر الفنان محمد أحمد الشحي، مهارته الفنية، في بناء مجسَّمات مصغَّرة تصوِّر مظاهر الحياة قديماً، حيث يجمع 50 مجسَّماً تراثياً في معرضه الخاص.
ماضي الأجداد
يفاخر الفنان محمد أحمد الشحي، بماضي أجداده والبيئة التي روى منها قيمه وثقافته، حتى استطاع أن يعيد بث تلك المفاهيم في أعمال فنية تشكيلية ومجسَّمات تجسد عبق الماضي وأصالته. بدأ مشواره الفني منذ الصغر، وطوَّر مهارته من خلال الممارسة المستمرة حتى انطلق في عالم صناعة المجسَّمات، وتمكن من تأسيس قرية تراثية متكاملة.
تنوع الحرف
يرى الشحي، أن صنع مجسَّمات تراثية يحتاج إلى إلمام ببعض الحرف كالنجارة والحدادة، وكل حرفة قد تساهم في إعطاء مظهر حقيقي للعمل. فالعمل مهما كان حجمه لا بد أن يشيَّد وفق أسُّس ممنهجة ومدروسة حتى يظهر بطريقة متقنة. وهو ما يسعى إليه الشحي الذي يمتلك مهارات حرفية مثل النجارة وأعمال الجبس والحدادة واستخدام الطين، إلى جانب الـ «فايبر جلاس» والأسمنت.
مشاهد من التراث
تميزت أعمال الشحي بالمجسَّمات التراثية التي تحاكي البيوت قديماً على اختلاف بيئاتها، كما ركز على جماليات هذه البيوت في زخارفها ونقوشها، وإظهار أجزاء منها مثل الأبواب والنوافذ، ما يمنح أعماله شيئاً من الواقعية. وما أن ينظر إليها المرء، سرعان ما يشعر بطاقة المكان والظروف الاجتماعية والاقتصادية للأهالي قديماً، وكيف شيَّدوا مساكنهم على أنماط مختلفة لتلائم ظروفهم المحلية وتحقق لهم نوعاً من الأمان من خلال الحصون والأبراج والمدافع.
هذه المشاهد استطاع الشحي أن ينفذها بإبداع، مؤكداً أن العمل على المجسَّمات الصغيرة بحاجة إلى صبر ودقة وإتقان في العمل، ويحتاج إلى أيام عديدة لإنجاز المشروع. ويحرص الشحي على تحويل مشاهد من الآثار والمواقع التاريخية في الدولة إلى مجسَّمات ثلاثية الأبعاد للقلاع والحصون ومسجد البدية وقلعة المقطع والفهيدي، إلى جانب المقاهي القديمة وصناعة السفن وسواها الكثير.
ويقول: «كل فنان له أسلوبه ومنهجه في جذب الأجيال كي يتعرفوا على تراث أجدادهم، وكثيراً ما نرى المهرجانات التراثية تضم العديد من الزوايا التراثية المختلفة لفانين محليين يعبرون عن فنهم بصورة مميزة ومتجددة».
معارض
قدم محمد الشحي الكثير من الورش في صناعة المجسَّمات، ومحاضرات وندوات، كما شارك في فعاليات ومعارض محلية وخارجية لنشر الموروث الشعبي والثقافة المحلية. ويطمح للتعاون مع إحدى الجهات المعنية بالتراث، ويقدم من خلالها أعمالاً في مجال المجسَّمات التراثية بشكل أوسع وتكون حاضرة في المهرجانات وأمام الزوار من السكان والسياح.
