خولة علي (دبي)
مواكبة التطور التكنولوجي ومتابعة التقنيات الحديثة وفتح آفاق عملية جديدة، خطوات يخطو بها الكثير من شباب الإمارات في مجال دراستهم لتخصصات الذكاء الاصطناعي تلبية لاحتياجات سوق العمل تماشياً مع الخمسين المقبلة. وهذا ما دفع المهندسة مها موسى لتشق طريقها في التخصصات المستقبلية عبر عملها في مجال تحليل الشبكات الكهربائية والشبكات الذكية. وقد أكملت دراسة الماجستير في تحليل البيانات الضخمة، بعد دراسة هندسة الطاقة المتجددة والمستدامة، وخاضت مجال تحليل الكم الهائل من المعلومات لتمكين صناع القرار من تحقيق أهداف الدولة على أسس علمية بحتة.
البيانات الضخمة
تتحدث المهندسة مها موسى عن الكم من التساؤلات والاستفسارات التي توجَّه لها حول ماهية تخصص محلل البيانات الضخمة وعلاقته بالذكاء الاصطناعي، وكيف يتم تطبيقه على أرض الواقع وفي الحياة العملية، مؤكدة أن توضيح هذا المفهوم يستوجب التعريف بالبيانات الضخمة، وهي البيانات التي تحتوي على كم هائل من المعلومات ودرجات متفاوتة من التعقيد مأخوذة من مصادر شتى كبيانات الأنظمة، وأجهزة الاستشعار، وبيانات التواصل الاجتماعي والأجهزة النقالة وسواها. وتوضح أن هذه البيانات تتميز باستمراريتها في النمو حجماً وتعقيداً، حتى يصعب معالجتها وتحليلها باستخدام الأساليب التقليدية. وقد تم التركيز في العقود الماضية على تطوير منهجيات تحليلية خاصة تستخدم أجهزة حاسوب ذات قواعد بيانات كبيرة، وقدرة معالجة عالية لتطبيق خوارزميات ولغات برمجة تهدف إلى استنباط المعلومات من البيانات واستخلاص القرارات منها.
فرص مختلفة
وعن اختيارها لهذا المجال من الذكاء الاصطناعي، تؤكد المهندسة مها موسى أنه خلال الثورة التكنولوجية التي نشهدها في عصرنا الحالي، تقوم العديد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي من دراسة وتحليل سلوكيات المستخدمين من خلال طريقة استخدامهم للمنصة. وبالاعتماد على بيانات سلوكيات المستخدم تعمل هذه المنصات على توفير تجربة استثنائية لكل مستخدم للمنصة، تكون قابلة لتحويل البيانات الخام إلى تجربة متفردة، ما دفعها إلى الدخول في هذا المجال. وقد مكنها هذا التخصص من التعرف على الفرص العديدة المتاحة لتطبيق تحليل البيانات في مختلف المجالات كالطاقة والسياحة والبنوك وسواها.
حقائق
عن الجدوى من تحليل هذه البيانات تلفت المهندسة مها موسى إلى أن الغاية من هذا التحليل، هي استخلاص معلومات وحقائق تمكِّن صناع القرار من اتخاذ القرارات على أسس علمية بحتة. وتختلف طرق تطبيق منهجيات التحليل اعتماداً على نوعية الخدمة المقدمة، إذ من الممكن استخدامها لفهم احتياجات وتفضيلات العملاء، حتى يتم تقديم خدمات ومنتجات جديدة مخصصة لهم. وعلى صعيد الذكاء الاصطناعي، فإن تحليل البيانات يُعتبر الركيزة الأساس، ولا سيما أن وفرة البيانات والمعلومات تمكِّن الآلات من التعلم الذاتي عوضاً عن البرمجة المسبقة.
توافر البيانات
وعن المصاعب والتحديات تؤكد المهندسة مها موسى أن تحليل البيانات الضخمة يعتمد اعتماداً كبيراً على توفير أكبر عدد ممكن من البيانات، وترى أن وفرة البيانات هي التحدي الأكبر الذي يواجهها ويواجه العديد من محللي البيانات الضخمة. وتذكر أن هذه الوفرة تمكِّن محللي البيانات من تطبيق العلم المكتسَب من قبلهم لتقديم المزيد من حالات الاستخدام المبتكرة في تحسين جودة وكفاءة الخدمات المقدمة أو تطوير آليات العمل المستخدمة في منظومات العمل المحلية. والحل الأمثل لهذا التحدي هو البدء في جمع المعلومات وتوفيرها للمحلين أو الجهات المعنية. وتشير إلى أن هذا التحدي تم التركيز عليه من قبل حكومتنا الرشيدة حيث أطلقت حكومة دبي الرقمية مسابقة على مستوى الجهات الحكومية والقطاع الخاص تحت مسمى البيانات أولاً «تحدي بيانات المدينة» للتشجيع على تسريع وتيرة الجهود المبذولة في جمع البيانات وتقديمها للعموم.
وقود المستقبل
وتقدم المهندسة مها موسى نصائح للطلبة، لافتة إلى أن الثورة التكنولوجية في العقود الأخيرة تسببت في إنتاج كم هائل من البيانات المستمرة في النمو والتنوع، ما استرعى انتباه الحكومات حتى تم اعتبارها وقود المستقبل. وتوضح أن أهمية البيانات الضخمة تكمن في تعزيزها لتقنيات الجيل الخامس، فمن المتوقع أن يحدث تحليل البيانات نقلات نوعية غير مسبوقة في هذه التقنيات. وتقول: من هذا المنطلق تعزز حكومتنا الرشيدة اتباع منهجيات تحليل البيانات في شتى المجالات واستخدامها في تطبيق خطة الخمسين عاماً المقبلة لإضافة ميزة تنافسية في مستقبل دولة الإمارات، وبينها لتخصصات الذكاء الاصطناعي التي من المفترض أن يسلكها الطلبة وينتهجون دراستها بهدف مواكبة تطلعات الدولة في تأسيس كوادر وطنية واعية لعلوم التكنولوجيا المتطورة.
طموح وأهداف
تطمح المهندسة مها موسى على الصعيد العلمي، بأن تستمر في البحث والتعلم وتحضير الدكتوراه في مجال البيانات الضخمة أو الذكاء الاصطناعي، وتعزيز معرفتها بلغات البرمجة لتطبيق تحليل البيانات في العديد من المشاريع. وعلى الصعيد العملي، تسعى إلى تطبيق علم تحليل البيانات الكبيرة في منظومة العمل لتسهيل وتطوير آليات العمل اليومية وزيادة دقتها.