أنور عبد الخالق (أبوظبي)
قبل أكثر من نصف قرن، اكتشفت صحيفة «الاتحاد» ما يتمتع به «شتاء الإمارات» من مقومات سياحية تجعل منه الفصل الأروع والأجمل في المنطقة، وفي عددها الصادر بتاريخ 23 سبتمبر 1971، وقبل إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بشهرين، نشرت «الاتحاد» تحقيقاً مصوراً تحت عنوان «جو المنطقة في الشتاء أجمل الأجواء في العالم.. لدينا ثروة سياحية ضخمة ولا بد أن نستغلها»، مستعرضة من خلاله المقومات السياحية في مختلف الإمارات، ومؤكدة قبل أكثر من نصف قرن، أن أشهر الشتاء في إمارات الدولة لا يختلف اثنان على جمالها واعتدال مناخها، لتبدأ مسيرة الاهتمام بهذا بقطاع السياحة خلال فصول السنة عامة، وفصل الشتاء خاصة، مع بداية تأسيس الدولة، وأطلقت القيادة الرشيدة العديد من المبادرات التي جعلت من السياحة مساهماً مهماً في الناتج المحلي، وتحولت المواقع السياحية إلى قبلة للمواطنين والمقيمين والزوار من داخل الدولة والخارج.
«في الشتاء كل شيء جميل.. وعندما يكون الشتاء إماراتياً، فإنه يكون أجمل شتاء في العالم»، مقولة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الذي أطلق في عام 2020، الدورة الأولى من حملة «أجمل شتاء في العالم»، لتكون أول حملة وطنية تستهدف تعزيز السياحة الداخلية والخارجية، بمشاركة الهيئات السياحية في الدولة كافة.
وجاءت الحملة في دورتها الثالثة تحت شعار «موروثنا» لتبرز هذا العام، مقومات الموروث والهوية الوطنية، ومنظومة القيم الإماراتية الأصيلة المتوارثة، والضاربة بجذورها في تكوين المجتمع المحلي، والتي حملها الآباء عن الأجداد، ويتوارثها الأبناء والأجيال اللاحقة، في نسق تلقائي يتسم بالاستدامة، ودعم كامل من مختلف مؤسسات الدولة.
الحملة التي دخلت قبل أيام عامها الثالث، تأتي في إطار المساعي الوطنية لترسيخ قطاع السياحة كواحد من أبرز روافد الاقتصاد الوطني، وتسليط الضوء على أجمل المعالم السياحية والثقافية والتاريخية في كافة مناطق وإمارات الدولة، وتؤكد حرص القيادة على الاهتمام بهذا القطاع الحيوي منذ تأسيس الدولة.
ونجحت الحملة في الدورتين السابقتين في تحقيق العديد من النجاحات والإنجازات، بعد أن سلطت الضوء على أجمل المعالم السياحية والترفيهية والثقافية في إمارات الدولة السبع، وأبرزت الهوية السياحية الموحدة للدولة، لتسهم في دفع القطاع السياحي الإماراتي نحو مزيد من النمو والانتعاش، وتعزيز موقعه ضمن الأكثر مرونة عالمياً والأسرع تعافياً والأقل تأثراً من تداعيات الجائحة، استقطبت الحملة في الدورتين السابقتين نحو 2.25 مليون سائح داخلي موزعة بواقع 1.3 مليون في دورة عام 2021، ونحو 950 ألف سائح في دورة عام 2020، بعوائد للدورتين بلغت قيمتها نحو 2.5 مليار.
وتشكل الدورة الثالثة لحملة «أجمل شتاء في العالم»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، محطة جديدة في ترسيخ مكانة الإمارات الرائدة عالمياً، باعتبارها وجهة مفضلة للسياح من داخل الدولة ومختلف أنحاء العالم.
كرم وتسامح
تبرز أجمل شتاء في العالم الدفء الإنساني، والطبيعة المضيافة للمجتمع الإماراتي الذي يتسم بالكرم والتسامح، وقبول الآخر، بما يرسخ مكانة الإمارات وجهة سياحية رئيسية على المستوى العالمي، وتعزيز فكرة الانتماء والارتباط بالمكان وإبراز المعالم السياحية لكل إمارة، وخصوصاً في فصل الشتاء الذي تتميز به دولة الإمارات، انطلاقاً من المشاريع الطموحة في قطاع السياحة الواعد بالفرص.
تنويع الاقتصاد
تستهدف الحملة تعزيز تنويع الاقتصاد الوطني ودعم المنظومة السياحية، وتوفير تجربة مميزة للزوار مبنية على التنوع السياحي، حيث حققت الحملة في دورتها الثانية العام الماضي نتائج مميزة تمثلت في تحقيق 1.5 مليار درهم عوائد خلال شهر واحد فقط، فيما ارتفع عدد السياح المحليين لأكثر من 1.3 مليون سائح بزيادة بلغت 36% مقارنة بالنسخة الأولى للحملة، وحققت زيادة بنسبة 50% في عدد نزلاء المنشآت الفندقية.
هوية سياحية
تستهدف خطط الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، إلى رفع مكانة الدولة كأفضل هوية سياحية حول العالم، وترسيخ مكانتها وجهة سياحية رائدة، كما تستهدف الاستراتيجية رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني إلى 450 مليار درهم بحلول عام 2031، وجذب استثمارات جديدة بقيمة 100 مليار درهم للقطاع السياحي في الدولة، واستقطاب 40 مليون نزيل في المنشآت الفندقية.
الشهور الممتعة
رغم أن شهر سبتمبر يُعد في منطقة الإمارات نهاية شهور الصيف الحارة، التي تتطلب تحمل هدير أجهزة التكييف في البيوت والمكاتب وكل مكان.. إلا أن نظرة واحدة إلى شاطئ أبوظبي تؤكد أنه أيضاً بداية الشهور الممتعة.
وخلال عطلة ذكرى الإسراء والمعراج المباركة ازدحمت الشواطئ، بالناس طوال النهار.. من الصباح وأحياناً إلى ما بعد الغروب..!
ليس هذا فقط.. فخلال شهور الصيف الذي أوشك على الرحيل، كان الناس يخرجون أيام الجمع والعطلات للسباحة والاستمتاع بالشاطئ.
ولكن - وحتى تكون المناقشة موضوعية وحتى لا تدخل في مناقشات غير مفيدة - فإن حديثنا سيكون عن أشهر الشتاء التي لا يختلف اثنان في هذه المنطقة على جمالها واعتدال مناخها..
إن كل منطقة من العالم تمر بها فترة خلال السنة يكون الجو فيها مبعث ضيق لزوارها، أوروبا مثلاً في الشتاء قارس البرد كثيفة الأمطار وأحياناً يغطيها الجليد.. الشوارع والبيوت وحتى حواجب الناس!