أصبحت كتابة الرسائل النصية التي يتم تبادلها عبر الهواتف الذكية ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي شكلا رئيسيا من أشكال التخاطب بين البشر في القرن الحادي والعشرين، حتى أن البعض أصبحوا يفضلون التعامل مع غيرهم من خلال الرسائل بدلا من المكالمات الهاتفية أو اللقاءات الشخصية.
ويرى علماء النفس أن عدم التآلف مع هذا الأسلوب الجديد، أو عدم فهم قواعد كتابة الرسائل النصية قد تترتب عليه بعض أنواع المشكلات النفسية أو الاجتماعية للأفراد.
ومن هذا المنطلق، يحرص بعض المتخصصين على وضع قواعد تحدد أطر كتابة الرسائل النصية لتسهيل التواصل بين البشر، والحيلولة دون حدوث مشكلات مثل العزلة الاجتماعية أو سوء فهم المغزى الحقيقي من هذه الرسائل. وفي مقال بالموقع الإلكتروني "سيكولوجي توداي" المتخصص في أبحاث علم النفس والاجتماع، يحدد الباحث ران دي.
أمبر المتخصص في طب الأطفال وخدمات الاستشارات النفسية في مركز "سانت بوينت ميديسن" للخدمات الصحية في ولاية كاليفورنيا الأميركية مجموعة من القواعد الخاصة بفن كتابة الرسائل النصية مثل أفضل المواضيع والأساليب والأماكن لكتابة هذه الرسائل، ويتطرق أيضا إلى بعض النقاط التي يجب تلافيها عند خوض غمار هذا الشكل من أشكال التواصل بين البشر.
ويقول امبر إن من أفضل المواضيع التي يمكن تناولها من خلال الرسائل النصية تأكيد مواعيد اجتماعات العمل، والإبلاغ في حالة التأخر عن مواعيد الحضور والاستفسار عن معلومات مختصرة مثل ارقام الهواتف أو العناوين.
ويرى أيضا أنه من الممكن استخدام الرسائل النصية في الاستئذان من شخص ما قبل الاتصال به هاتفيا، وكذلك تحديد موقعك لتسهيل الوصول إليك أو إخبار شخص ما إنك على ما يرام. أما المواضيع التي يفضل تفاديها عند كتابة الرسائل النصية، يعتقد أمبر أنه يفضل تجنب القضايا التي تثير ردود فعل سلبية لدى المتلقي مثل الأنباء السيئة، وكذلك الأمور الشخصية والمحرجة، نظرا لأن الرسائل النصية قد تكون متاحة لأطراف قد لا يكون من المرغوب أن يطلعوا عليها.
ويحذر أمبر من توجيه رسائل نصية إلى شخص دون سابق معرفة شخصية به، مثل صاحب عمل محتمل على سبيل المثال، لأنك لا تعرف ما إذا كان هذا الشخص يشعر بالارتياح عند التواصل مع الآخرين عبر هذه الطريقة أو لا.
وذكر امبر أنه عند تلقي أنباء غير سارة من خلال الرسائل النصية، ينصح بعدم عمل افتراضات بشأن الحالة النفسية لكاتب الرسالة، لأن هذه الرسائل في حقيقة الأمر تفتقر إلى عناصر مهمة ترتبط بشكل وثيق بلغة التواصل بين البشر مثل الإيماءات الحركية وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت، وكلها مؤشرات تكشف حقيقة شعور كاتب الرسالة النصية.
ويعتقد أمبر أنه ينبغي عدم استخدام الرسائل النصية لإبلاغ الآخرين أنك لست على ما يرام، ويوضح أن مثل هذه المواقف تجعل المتلقي في حيرة من أمره بشأن ما إذا كان يتوجب عليه الاتصال بك تليفونيا أو السعي لمقابلتك شخصيا بغرض الاطمئنان عليك بعد الاطلاع على الرسالة المقلقة.
ويحدد الباحث الأميركي المواقف التي يتوجب عدم كتابة الرسائل النصية خلالها مثل أثناء قيادة السيارة لتفادي التعرض لحوادث الطرق، وعند مشاهدة فيلم في السينما حتى لا تسبب إزعاجا للمحيطين بك وأثناء التواجد في قاعة الدراسة حتى لا يحدث تشتيت أثناء تلقي الدروس.
وينصح أمبر أيضا بعدم كتابة الرسائل النصية أثناء تناول الطعام حيث يرى أن التشارك على مأدبة الطعام يعتبر عنصرا مهما للتواصل بين البشر ويتوجب الحفاظ عليه. ويعتبر أنه لا يليق أيضا كتابة الرسائل النصية أثناء الانغماس في الحديث مع شخص آخر، لأن ذلك يعد تعبيرا عن عدم الاحترام وعدم الاهتمام بما يقوله لك هذا الآخر.
ويحدد أمبر أيضا بعض القواعد التي يصفها بأنها فن اتيكيت كتابة الرسائل النصية، حيث يقول إنه عند تبادل الرسائل مع أفراد في محيط الأسرة أو الأصدقاء، فلابد من التأكد أن الأشخاص الذين تتواصل معهم بهذه الطريقة لا يمانعون من كثرة تبادل الرسائل.
وإذا ما اضطررت لترك الهاتف لفترة مطولة في خضم تبادل سلسلة من الرسائل، فلابد من إبلاغ الطرف الآخر بذلك حتى لا يشعر بالتجاهل.
ويرى أمبر أنه من المفضل عدم إرسال رسائل نصية بعد العاشرة مساء، إلا إذا كان الطرف الآخر لا يمانع في ذلك، أما إذا كنت أنت تنزعج شخصيا من تلقي الرسائل في أوقات النوم، فلابد أن تبلغ الآخرين بذلك مسبقا.
وينصح خبير علم النفس بضرورة أن تحتفظ بهدوئك إذا لم تتلق ردا فوريا على رسالتك النصية، وكذلك تجنب كتابة رسائل مثل "برجاء الاتصال بي" في غير حالات الضرورة، وتفادي كتابة الرسائل المطولة لأن البعض لا يفضلون هذه النوعية من الرسائل. ولابد أيضا من تجنب الكتابة بالحروف الكبيرة لأنها تعطي انطباعا بالصياح، أو استخدام الوجوه التعبيرية "إيموجيز" للإشارة إلى الانفعالات المهمة.
ويعتقد أمبر أنه من الأفضل عدم استخدام المختصرات المبهمة التي قد يتعذر على البعض فهمها، وكذلك السخرية لأنها قد يساء فهمها من جانب المتلقي. وفي نهاية المطاف، ينصح أمبر بعدم الرد على الرسائل التي ترد من أطراف مجهولة لأنها قد تكون مرسلة من قراصنة الانترنت، وكذلك لابد من تجنب كتابة الرسائل النصية إذا كنت منفعلا أو غير صافي الذهن، لأن الرسالة النصية لا يمكن استرجاعها بعد أن تقوم بإرسالها، وقد تترتب عليها أضرار ليس لها داع.