عدد اليوم
فهد بوهندي (خورفكان)
لن يقتصر استكشافك لقرية «نجد المقصار» الأثرية في خورفكان على حاسة البصر، بل عليك أن تستجمع كافة حواسك ومشاعرك وخيالك الذي ينقلك عبر خطواتك بين ممرات القرية الجبلية إلى الماضي بسيرته العطرة، وتاريخه التليد، حيث تجسد قرية «نجد المقصار» التي أمر بترميمها وإعادة إحيائها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في 15 أكتوبر 2020، لتكون شاهداً على حضارة البشرية في هذه الأرض الجبلية، وكيف استطاع أجدادنا أن يتعايشوا مع طبيعة المنطقة والتغلب على ظروفها القاسية.
جاء تطوير القرية وترميمها ضمن تنفيذ المبادرات في إمارة الشارقة، وتضمنت مشروعاً تطويرياً كبيراً لمنطقة «وادي شي» بهدف توفير فرصة ترفيهية للسياح وعشاق الطبيعة والتراث، وكان صاحب السمو حاكم الشارقة، قد أوضح عند افتتاح القرية، أن إعمار وترميم هذه المنطقة يأتي في ظل المحافظة على البيئة، وإعادة إحياء المناطق الأثرية والتاريخية وتجهيزها، لتكون وجهات تستقطب الزوار من المحليين والأجانب.
«وادي شي»
وتقع قرية «نجد المقصار» الأثرية في منطقة جبلية في مدينة خورفكان على الساحل الشرقي لإمارة الشارقة، ضمن نطاق منطقة «وادي شي»، وتضم القرية أعلى الجبل 13 منزلاً، ويبلغ عمرها 100 عام، وقد تم ترميم الحصن العلوي للقرية، الذي تم إنشاؤه قبل 300 عام، ويوفر إطلالة على الوادي التاريخي من ارتفاع 220 متراً، كما أن موقع القرية أعلى الجبل في منطقة وادي شي، يعكس مدى اهتمام أهل المنطقة بالزراعة، هذه المهنة التي توارثها أبناء المنطقة جيلاً بعد جيل، حيث تنعم المنطقة المحيطة بالقرية أسفل الجبل بالتربة الزراعية والمياه العذبة التي تعتبر امتداداً للبحيرة، ويتجمع بها أكبر كمية من الأمطار كل عام.
بناء قديم
ويلاحظ زوار قرية «نجد المقصار»، أن ارتفاعها أعلى الجبل يعطي سكانها القدرة على استكشاف كافة مناطق خورفكان، وصولاً إلى البحر، كما يمكن لزوارها أن يكتشفوا طريقة البناء القديمة في هذه المنطقة، من خلال زيارة القرية الجبلية، حيث تم استخدام الحجر المحلي والطين، ومنتجات النخيل والأخشاب، إضافة إلى الصخور التي تكتسي بها الممرات، والتي كانت تسهل على الأهالي قديماً الصعود لأعلى الجبل والوصول إلى مساكنهم.
ترفيه واسترخاء
ولو تحدثنا عن المزايا التي تجذب الزوار حالياً لقرية «نجد المقصار»، لوجدنا أنها تحتضن بالقرب منها عدداً من المواقع السياحية، حيث يستطيع السائح أن يستمتع بزيارة القرية الأثرية، مع الاسترخاء باستراحة «سد الرفيصة» التي تطل القرية عليها مباشرة، إضافة لتحول القرية إلى مقصد رئيس لممارسي رياضة «الهايكنج»، للمسير بين الجبال وسط الطبيعة الخلابة، وبذلك تحولت القرية إلى حاضنة رئيسة للفعاليات والبرامج التي تنظمها المؤسسات لأفرادها لممارسة «الهايكنج» بشكل جماعي، بهدف التعرف على أهم المناطق الأثرية في القرية وما حولها.
أرض خصبة
وتحدث بدر أبراهيم، صاحب مزرعة في منطقة «وادي شي»، قائلاً: تعتبر هذه المنطقة من أخصب المناطق الزراعية، والتي تنتج أجود أنواع الفاكهة والخضراوات المحلية، وتأتي خصوبة التربة من عذوبة المياه الجوفية الجبلية، وتجمع مناسيب المياه حول بحيرة السد، وبعد إعادة إحياء قرية «نجد المقصار» الأثرية، تحول هذا المكان إلى مقصد سياحي رائع، حيث يحرص زوار القرية الأثرية على جمع المعلومات التاريخية عن المنطقة، والاطلاع على الرقعة الزراعية التي تحيط بالمنطقة منذ القِدم.
وجهة سياحية فريدة
قال سلطان العبيدلي خبير الهايكنج والرياضة الجبلية: تعتبر قرية «نجد المقصار» وجهة جبلية فريدة ومميزة يقصدها رواد رياضة الهايكنج، خصوصاً بعد إنشاء ممرات جبلية تساعد على المسير، واعتماد خورفكان كمركز مهم لهذه الرياضة، ليتمكن الزائر من التنقل بين المواقع السياحية عبر الجبال، لاستكشاف أسرار هذه المنطقة ومناظرها الخلابة.
