دبي (الاتحاد)
تتواصل بنجاح فعاليات النسخة الثانية من مهرجان «المرموم: فيلم في الصحراء» في «محمية المرموم الصحراوية»، والذي يستمر حتى اليوم (الأحد)، متضمناً عرض 27 فيلماً روائياً و23 جلسة حوارية وورشة عمل متخصصة، بهدف تعزيز المشهد السينمائي المحلي، ودعم ورعاية أصحاب المواهب الإبداعية، تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع وملتقى للمواهب.
حفلت النسخة الثانية من المهرجان الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» بفعاليات مبهرة وبأعمال سينمائية وفنية متنوعة، لتأخذ زواره من الجمهور وعشاق «الفن السابع» في مسارات مُلهمة يبحرون خلالها في تاريخ السينما، ويكتشفون روائع الإبداعات الإماراتية التي تتهادى على رمال محمية المرموم الصحراوية، وتجمع فيها أبرز الفنانين وصناع الأفلام تحت سقف المهرجان، ليعكسوا برؤاهم «قصص ترويها الطبيعة»، وهو الشعار الذي يفتح به المهرجان آفاقاً واسعة أمام صناع السينما، ليعكس ذلك التزامات «دبي للثقافة» بدعم ورعاية المواهب.
ثقافة سينمائية
وقد تضمن المهرجان الذي تدعم «دبي للثقافة» من خلاله مبادرة «وجهات دبي»، معارض وأعمالاً فنية مختلفة تسرد تاريخ السينما المحلية وتستحضر الإرث الثقافي المحلي في أبهى صوره، تأكيداً على أهمية المهرجان كمنصة مبتكرة لتمكين صناع الأفلام من عرض قصصهم المختلفة، ما يصب في إطار التزامات «دبي للثقافة» بتعزيز المشهد السينمائي المحلي.
وخلال المهرجان، يقدم الفنان الإماراتي متعدد التخصصات عمار العطّار صورة شاملة عن الثقافة السينمائية في الدولة، عبر معرضه «السينما في دولة الإمارات»، يرصد فيه بدايات «الفن السابع» ويصور الطقوس العائلية الأسبوعية المتمثّلة في الذهاب إلى صالات العرض، ويقدمها عبر مجموعة صور متنوعة يعرضها إلى جانب مجموعة السجلات والمقتنيات والمطبوعات والنشرات الإعلانية السينمائية التي كانت توزع يدوياً، وكذلك ملصقات لأفلام قديمة عرضت في الصالات المحلية، بالإضافة إلى المعدات العتيقة التي كانت مستخدمة في عرض الأفلام، والإعلان عن قواعد السلوك والدعاية لشركات وأعمال محلية، ليعيد العطّار تجسيد الثقافة المادية للسينما بالدولة.
«سينما المحطة»
في حين، تمثل جدارية «سيف وناعمة وآمنة يلعبون» التي أبدعتها الفنانة الإماراتية فاطمة آل علي بحثاً فنياً في قطاع صناعة الأفلام في الدولة، حيث أنشئت أول صالة سينما في إمارة الشارقة عام 1943 وعرفت آنذاك باسم «سينما المحطة» وكانت مفتوحة في الهواء الطلق، بينما مقاعدها مصنوعة من علب التنك، حيث تعكس الجدارية القفزات النوعية التي شهدتها دور العرض في الدولة من «الدكة» حتى مقاعد الخمس نجمات.
وفي هذه الجدارية سعت آل علي إلى إبراز هذا التاريخ بطريقة مبتكرة، عبر تقديمه كصورة في كتاب يحمله طفل في إحدى أقسام الجدارية التي صورت الصغار كصناع أفلام، في إشارة إلى ضرورة تحفيز الأجيال القادمة على دخول وتعلم أصول «الفن السابع».
«هاتف خربان»
ومن وحي الألعاب الشعبية، استلهمت الفنانة شما المزروعي عملها الفني التركيبي «هاتف خربان» الذي تُعبر من خلاله عن الحنين إلى الماضي، وتقدم فيه وصفاً لطبيعة الثقافة الكامنة وراء الألعاب التي كان الصغار يمارسونها سابقاً، ليبدو العمل أشبه ببحث بصري في العلاقات الاجتماعية، ويصور كيف كان الصغار يقضون أوقاتهم دون الحاجة إلى التكنولوجيا للترفيه عن أنفسهم.
أما زميلتها الفنانة سارة الخيال، فاستلهمت عملها الجرافيكي «خيوط من الذاكرة» من تفاصيل حرفة السدو وما تحمله من جماليات وألوان نابضة بالحياة، لتقدمه على شكل جدارية مليئة بالتفاصيل الصغيرة والأشكال الهندسية التي تبرز روائع الحرفة التقليدية التي أدرجت على قائمة «اليونيسكو» للتراث الثقافي غير المادي.
«تحريك الكثبان»
تحت سماء المرموم، يلمع تاريخ «المجمع الثقافي» عبر العمل الفني التركيبي «تحريك الكثبان» الذي ابتكرته الفنانة عائشة حاضر، لتعيد فيه سرد تاريخ المجمع الذي تأسس في أبوظبي عام 1981، ليكون من أول المؤسسات الثقافية في الدولة، وفي هذا العمل استخدمت عائشة «بلاط نافورة المجمع» التي تمثل جزءاً من تاريخه، وأعادت تقديمها بطريقة إبداعية، ليمثل «تحريك الكثبان» اعترافاً بأهمية الفن والثقافة ومكانتهما في الإمارات، ويعكس طبيعة التحولات التي شهدتها الدولة منذ لحظات تأسيسها وحتى اليوم.
في المقابل، يوثق المصور الإماراتي علي بن ثالث، أمين عام جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، في معرضه الفوتوغرافي «روائع الحياة البرية في المرموم»، حيث تُبرز مجموعة صوره طبيعة ما تمتلكه المحمية من تنوع بيئي فريد، ما يؤكد مكانة صحراء المرموم ووجهةً سياحية ثقافية ومحمية طبيعية غنية بعناصر التراث المحلي.
موروث محلي
تجلت روائع التراث المحلي تحت سماء مهرجان «المرموم: فيلم في الصحراء»، حيث أفردت «دبي للثقافة» مساحة واسعة لتضيء على جماليات عناصره ومكوناته والحرف التقليدية كحرف التلي، والسدو، والغزل، بالإضافة إلى اللقيمات، والرقاق، والقهوة العربية، وهو ما يمثل احتفاءً بالموروث المحلي، ويؤكد حرص «دبي للثقافة» على التعريف بثراء التراث الإماراتي، وضرورة المحافظة عليه، وتعزيز حضوره في مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية التي تشهدها الإمارة.