لندن (الاتحاد)
على مدى 30 عاماً تقريباً سادت ما يشبه الهدنة السلمية، بين العائلة الملكية في بريطانيا والإعلام. كل شيء ظل هادئاً تقريباً حول أسوار قصر باكنجهام بعد موت ديانا.. لكن الأمور اختلفت عقب زواج الأمير هاري من ميغان ميركل.
توترت العلاقات، مع سعي الصحافة المحموم والمسموم لاصطياد الأخطاء ورصد الزلات والتباينات وكشف خبايا العلاقات داخل الأسرة الملكية.
لم يحدث ذلك بحثاً عن الحقيقة، بل لأن الإعلام البريطاني لا يستطيع العيش من دون أخبار العائلة المالكة، والعكس قد يكون صحيحاً.. تريد الصحافة القصص المثيرة ولو حزينة، وتريد العائلة صورة جميلة، منمقة، ناصعة للقصر وأهله. لذلك تتضارب المصالح أحياناً. ثم فجأة تقتحم القصر، ممثلة أميركية، سمراء، مطلقة، متطلعة، لا تعرف شيئاً عن البروتوكول .. لتتزوج الأمير الشاب الأصغر منها سناً.. فهل هناك أفضل من تلك «الحبكة - الشخصية» الدرامية، لتشعل النار في قلب الصحافة البريطانية .. خاصة الشعبية منها.؟!
بلغ صخب المواجهة بين الأمير هاري وميغان، والصحافة الشعبية، ذروته أمس الأول، بعدما عرضت منصة «نتفليكس» أول ثلاث حلقات من مسلسل وثائقي كشف فيه دوق ودوقة ساسكس تفاصيل غير مسبوقة عن حياتهما، وكيف اضطرا للتنازل عن منصبيهما في العائلة الملكية البريطانية وطبيعة التغطيات الإعلامية التي تستهدفهما.
وبضراوة، انتقد هاري وميغان الصحافة الشعبية متهمين إياها بتدميرهما كما فعلت مع الأميرة الراحلة ديانا. وندد الزوجان بأساليب الصحف الشعبية التي كانت تتصيد زلات ميغان، وتطارد عائلتها وأصدقاءها، وتجمع أسرار أخت غير شقيقة لم ترها منذ عشر سنوات وتلفق الفضائح في حقها، بحسب الزوجين. قال هاري: «هناك تسريب، ولكن هناك أيضاً زرع للقصص. إنها لعبة قذرة».
وتابع: «ألم ومعاناة النساء اللواتي يتزوجن في هذه المؤسسة، يغذي الجنون.. شعرت بالرعب، لم أرغب في أن يعيد التاريخ نفسه». وشدد على أنه: «لا أحد يرى ما يحدث خلف الأبواب المغلقة.... كان علي أن أبذل قصارى جهدي لحماية عائلتي»، بحسب وكالات الانباء.من جهتها، قالت ميغان: «عندما تكون التحديات كبيرة جداً، أليس من المنطقي سماع جانبنا من القصة؟». وأجرى هاري مقارنة بين الطريقة التي عاملت بها الصحافة ميغان وبين التدخل الإعلامي المكثف الذي عانت منه والدته. ولقيت ديانا حتفها في حادث سيارة في باريس عام 1997 حين كانت تحاول الهرب من مطاردة المصورين.
وقال هاري- 38 عاماً، الذي تنحى مع ميغان عن واجباتهما الملكية قبل عامين، إن من واجبه فضح «الاستغلال والرشوة» في وسائل الإعلام. وقالت ميغان -41 عاماً «مهما بذلت من جهود، وحتى لو تصرفت بشكل جيد، وهذا ما كنت أفعله، كانوا يجدون دائماً طريقة لتدميري»..
ويعيد مسلسل»هاري أند ميغان» للواجهة أزمة الزوجين مع ما يسميانه «المؤسسة» التي اتهماها بالعنصرية وبعدم احتضان الممثلة الأميركية «الخلاسية والمطلقة.». ويقول الأمير «رؤية امرأة أخرى أحبها تمر بهذا الجنون أمر صعب. إنه الصياد في مواجهة فريسته».ومن المتوقع أن تشكّل الحلقات الثلاث الأخيرة من المسلسل التي تبثها «نتفليكس» الخميس المقبل، خطراً أكبر بالنسبة للبعض لتناولها قصة انتقال الزوجين إلى كاليفورنيا.
وفي الواقع تثير التغطيات الإعلامية للزوجين في الصحافة البريطانية الكثير من الجدل حتى داخل الأوساط الإعلامية نفسها. وفي الأسبوع الماضي، شدد النائب العمالي كريس براينت على أن التغطية الإعلامية للأخبار المتعلقة بميغان وهاري «تزرع الكراهية بتعمد». وألقى اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي التي دفعت الصحافة البريطانية إلى «لحظة خطيرة للغاية»، بحسب موقع «برس جازيت». كان براينت وهو قس سابق، يتحدث خلال فعالية نظمتها مجموعة ناشطة لإصلاح الصحافة. وقال بعدما قدمه للجمهور النجم السينمائي هيو غرانت، إن التغطية الإخبارية للأمير هاري وميغان ماركل «تتربح بشراهة بإثارة الكراهية عن عمد» ضد الزوجين.
وأشار إلى أن التغطية الإعلامية لأخبار دوق ودوقة ساسكس تبدو في منصات السوشيال ميديا وكأنها تشجع الميديا على التسويق لكراهية الزوجين.
وقال إن مشاكل صناعة الأخبار الآن تتمحور حول تسويقها للكراهية والترويج لنظريات المؤامرة وتركز ملكية المنصات الإعلامية نفسها.
وقال براينت: «إن الخطورة الحقيقية تكمن في تأثير الخوارزميات على الصحافة والخطاب السياسي، لأنها تدفع الناس إلى التطرف السياسي، وتعزز الانقسام وتشوه الحقيقة من خلال خلق حافز للكذب».
وأضاف: «بعيداً عن الاهتمام بالآثار الضارة للخوارزميات، تعتمد شركات وسائل التواصل الاجتماعي وحلفاؤها الذين هم أيضاً منافسوها (في الصحافة) عليها لكسب المال.»
واستشهد كمثال بمحتوى عن الأمير هاري وميغان ماركل، قائلاً: إن شبكة على قنوات يوتيوب «حققت 497 مليون مشاهدة و3.48 مليون دولار على خلفية مواد بغيضة وغير دقيقة عن ميغان».