طور فريق بحثي من سويسرا طريقة جديدة لمنع انتقال الخلايا السرطانية من الثدي إلى الدماغ. فالتجوال والانتشار من ورم أولي إلى موقع جديد وبعيد في الجسم من أكثر الأمور المحيرة في مرض السرطان القاتل.
انتقال الخلايا السرطانية هذه العملية تسمى الانبثاث أو هجرة الخلايا السرطانية (Metastasis) ويُقصد بها انتقال الخلايا السرطانية من عضو إلى آخر، والتي تعرف ببساطة بأنها خلايا سرطانية أثناء التنقل. بعد أن ينفصل هؤلاء المهاجرون الخبيثون عن موقع ورم أولي، يقومون برحلة عبر الدم أو الجهاز اللمفاوي لزرع أورام جديدة في مواقع أخرى من الجسم. وكما أظهرت دراسات كثيرة، فإن أنواعًا معينة من السرطان لها أماكن تفضيلية تهاجر إليها.
يدرس العلماء في "جامعة فريبورغ" في سويسرا تطور هجرة الخلايا السرطانية لدى مرضى سرطان الثدي. تساعد معرفة كيف تشق هذه الخلايا السرطانية طريقها إلى الدماغ على إرساء أساس للتدخلات التي تمنع تنقل تلك الخلايا. وبالتالي، تحول دون وصولها إلى الدماغ. يقول علماء الأورام، إن منع الخلايا من الوصول إلى الأنسجة المستهدفة أمر حيوي لأن السرطان المنتقل يكون حتما أسوأ من حيث عدوانيته وأصعب في مكافحته من الورم الأولي.
آلية الانتقال تكتب الدكتورة جيريكا لوروسو التي يركز مختبرها على علم الأورام التجريبي "تنقل الخلايا السرطانية إلى الدماغ ينتج عن مضاعفة زيادة الإصابة بسرطان الثدي في مرحلة متقدمة من المرض"، مضيفة "إنها حالة خطيرة تتميز بتدهور سريع في نوعية الحياة. هناك حاجة سريرية ماسة لتطوير علاجات فعالة للوقاية من انتقال خلايا السرطان إلى الدماغ وعلاجها".
وأوضحت الباحثة وزملاؤها في مجلة "Science Translational Medicine" كيف أن بروتينات تسمى connexins تنسق انتقال خلايا سرطان الثدي إلى الدماغ، وهو الحدث الذي يؤدي إلى تفاقم التوقعات السيئة لحالة المرضى بشكل كبير.
أجرى الفريق السويسري دراسات في المختبر وفي الجسم الحي (in vivo studies) لإظهار أن بروتينات connexins وإنزيم كيناز (enzyme focal adhesion kinase) يلعبان على الأرجح دورًا رئيسيًا في غزو الدماغ بواسطة الخلايا السرطانية. تنتمي Connexins إلى عائلة من البروتينات تشكل قنوات غشاء بين الخلايا تسمح بتدفق الأيونات والجزيئات الصغيرة بين الخلايا المجاورة.
تثبيط الآلية وجدت لوروسو وزملاؤها أن بروتينات connexins، التي ينشطها إنزيم "كيناز"، يمكنها بدورها تحفيز مسارات الإشارات التي تحافظ على خلايا سرطان الثدي في أنسجة المخ. أثبت الفريق في ثلاثة نماذج مختلفة من الفئران أن بروتينات connexins تدفع انتشار خلايا سرطان الثدي إلى الدماغ. عندما عولجت الفئران بمثبطات إنزيم كيناز، وهي طريقة اختبرت بالفعل في التجارب السريرية البشرية، تم كبح نمو خلايا سرطان الثدي المتنقلة في الدماغ.
في ضوء الدراسات السريرية الجارية بالفعل مع مثبطات إنزيم كيناز، تتطلع لاروسو وزملاؤها إلى مزيد من الاستخدام العلاجي لهذه الجزيئات. كتبت لوروسو "العلاج الجهازي بمثبطات كيناز قلل من ورم خبيث في الدماغ". وخلصت لوروسو ومعاونوها إلى أنه "بالنظر إلى الخيارات العلاجية المحدودة لأمراض الدماغ المتنقلة في مرضى السرطان، نقترح تثبيط إنزيم كيناز كمرشح للعلاج".