توصلت دراسة جديدة إلى طريقة بسيطة وغير مكلفة لتشخيص الإصابة بمرض الزهايمر في مراحله المبكرة، ما سيفتح المجال أمام برامج فحص واسعة النطاق للمرض الذي يصيب ملايين الأشخاص سنويا عبر العالم.
حدد البحث حمض «الفورميك» كمؤشر بيولوجي حساس يمكن أن يكشف عن هذا المرض في مراحله المبكرة، مما قد يمهد الطريق لفحص مريح ورخيص.
فهل يمكن أن يكشف اختبار بسيط للبول ما إذا كان شخص ما مصابًا بمرض الزهايمر في مراحله المبكرة؟ وهل يمكن أن يمهد هذا الطريق لبرامج الفحص على نطاق واسع؟
ذلك ما تؤكده دراسة جديدة، نشرت في مجلة «Frontiers in Aging Neuroscience». اختبر الباحثون مجموعة كبيرة من مرضى الزهايمر بمستويات مختلفة من الشدة وضوابط صحية مع الإدراك الطبيعي لتحديد الاختلافات في مؤشرات البول الحيوية.
وجدوا أن حمض الفورميك البولي هو علامة حساسة للتدهور المعرفي الذاتي الذي قد يشير إلى المراحل المبكرة جدًا من مرض الزهايمر.
تعتبر الطرق الحالية لتشخيص مرض الزهايمر باهظة الثمن وغير مريحة وغير مناسبة للفحص الروتيني. هذا يعني أن معظم المرضى لا يتلقون التشخيص إلا بعد فوات الأوان للعلاج الفعال. مع ذلك، يمكن أن يكون اختبار البول غير الجراحي وغير المكلف والمناسب لحمض «الفورميك» هو ما يطلبه الطبيب لإجراء الفحص المبكر.
يقول المؤلفون إن «الزهايمر مرض مزمن وخفي ومستمر مما يعني أنه يمكن أن يتطور ويستمر لسنوات عديدة قبل ظهور ضعف واضح في الإدراك. تحدث المراحل المبكرة من المرض قبل مرحلة الخرف الذي لا رجعة فيه، وهذه هي النافذة الذهبية للتدخل والعلاج. لذلك، فإن الفحص واسع النطاق لمرض الزهايمر في مراحله المبكرة ضروري لكبار السن».
- برامج فحص مرض الزهايمر
وإذا كان التدخل المبكر مهمًا، فلماذا لا تكون هناك بالفعل برامج فحص روتينية لمرحلة مبكرة من مرض الزهايمر؟ تكمن المشكلة في تقنيات التشخيص المتوفرة حاليًا. وتشمل هذه عمليات مسح الدماغ بالتصوير المقطعي، وهي مكلفة وتعرّض المريض للإشعاع. هناك أيضًا اختبارات العلامات الحيوية التي يمكن أن تكشف عن مرض الزهايمر، ولكنها تتطلب سحب دم أو الثقب أو البزل القطني (lumbar puncture) للحصول على السائل النخاعي، والذي يمكن أن يكون غير مناسب للمرضى.
ومع ذلك، فإن اختبار البول غير جراحي ومريح وسيكون مناسبًا تمامًا للفحص على نطاق واسع. بينما حدد الباحثون المؤشرات الحيوية البولية لمرض الزهايمر سابقًا، لم يكن أي منها مناسبًا للكشف عن المراحل المبكرة من المرض، مما يعني أن النافذة الذهبية للعلاج المبكر لا تزال بعيدة المنال.
- حمض الفورميك: مفتاح ذهبي؟
سبق أن تحقق الباحثون، الذين أجروا هذه الدراسة الجديدة، من مركب عضوي يسمى الفورمالديهايد (formaldehyde) كمؤشر حيوي في البول لمرض الزهايمر. ومع ذلك، كان هناك مجال للتحسين في اكتشاف المرض في مراحله المبكرة. في هذه الدراسة الأخيرة، ركزوا بشكل أساسي على حمض «الفورميك»، وهو منتج استقلابي للفورمالديهايد، لمعرفة ما إذا كان أداؤه أفضل كعلامة حيوية.
شارك ما مجموعه 574 شخصًا في الدراسة، وكان المشاركون إما متطوعون أصحاء يتمتعون بإدراك طبيعي، أو لديهم درجات مختلفة من تطور المرض، بدءًا من التدهور المعرفي الشخصي إلى المرض الكامل. حلل الباحثون عينات بول ودم المشاركين وأجروا تقييمات نفسية.
- الكشف عن مرض الزهايمر في مراحله المبكرة
وجدت الدراسة أن مستويات حمض «الفورميك» في البول زادت بشكل ملحوظ في جميع مجموعات الزهايمر مقارنةً بالضوابط الصحية، بما في ذلك مجموعة التدهور المعرفي الذاتي في المرحلة المبكرة، وارتبطت بالتدهور المعرفي. يشير هذا إلى أن حمض «الفورميك» يمكن أن يعمل كمؤشر حيوي حساس لمرض الزهايمر في مراحله المبكرة.
من المثير للاهتمام أنه عندما حلل الباحثون مستويات «الفورميك» في البول بالاشتراك مع المؤشرات الحيوية لمرض الزهايمر في الدم، وجدوا أنه يمكنهم التنبؤ بدقة أكبر بمرحلة المرض التي يعاني منها المريض. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بين مرض الزهايمر وحمض «الفورميك».
أضاف المؤلفون «أظهر حمض الفورميك البولي حساسية ممتازة للفحص المبكر لمرض الزهايمر»، مؤكدين أن «الكشف عن المؤشرات الحيوية في البول لمرض الزهايمر مناسب وفعال من حيث التكلفة، ويجب إجراؤه أثناء الفحوصات البدنية الروتينية لكبار السن».