الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الصحة النفسية أولاً.. لتحصيل علمي ناجح

الصحة النفسية أولاً.. لتحصيل علمي ناجح
25 نوفمبر 2022 00:52

خولة علي (دبي) 

الأسرة هي النواة الأولى المسؤولة عن الصحة النفسية للأبناء، وهي المؤسسة الاجتماعية التي يعوَّل عليها صلاحهم، إذ تشكّل جوهر شخصيتهم ومدى استقامتهم أو تخبطهم سلوكياً ونفسياً. ولا يقل دور المدرسة أهمية، في كيفية إعادة توجيه الطالب وتصحيح مساره عبر توفير بيئة تربوية حاضنة قادرة على تحقيق الصحة النفسية التي تعتبر عنصراً مهماً في بناء جيل سليم، يستطع تخطي الصعاب ومواجهة مشاكله وبناء مستقبله. فكيف نحقق الصحة النفسية للطلبة؟ وما مسؤولية الأسرة ودور المدرسة في ذلك؟ وماذا يقول الاختصاصيون الاجتماعيون والمرشدون الأكاديميون؟ 
توضح الاختصاصية الاجتماعية فاطمة الظنحاني، أن الصحة النفسية تمثل أساساً علمياً يقوم عليه تماسك المجتمع وسلامته من الاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية، وتكمن أهمية الصحة النفسية المدرسية في فهم السلوك وضبطه وتوجيهه، لجعل الطالب أكثر قدرة على تنمية طاقاته ومهاراته. ويمتد أثر الصحة النفسية على الطالب من خلال الاستيعاب والفهم للدروس ثم التحصيل الدراسي، كما أن سلامة الصحة النفسية للطالب تزيد من ثقته بنفسه واحترامه لذاته وتدعم قدراته في اتخاذ القرارات السليمة، وتجنبه السلوكيات الخطيرة.

وذكرت الظنحاني أن هناك أسباباً ذاتية تؤثر سلباً على نفسية الطالب، منها ضعف قدراته والجهد الذي يبذله، والصعوبات التعليمية التي تصيبه بالقلق والتوتر، ما ينتج عنه الاكتئاب واليأس في التعامل مع الآخرين، وبالتالي فقدان القدرة على التركيز. 

المجتمع المدرسي
وتشير الظنحاني إلى دور المجتمع المدرسي في تعزيز الصحة النفسية للطالب، من خلال المعلم الذي يمكنه اكتشاف الحالات التي تحتاج إلى الدعم الأكاديمي أو الاجتماعي، ثم يأتي دور الإرشاد والتوجيه المدرسي من خلال الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين الذين تقع عليهم مسؤولية نشر الوعي بالقيم والمهارات الاجتماعية التي لابد أن يتحلى بها الطلاب، ومساعدتهم في التغلب على صعوبات التعلم، وإيجاد سياسة الترغيب والانضباط المناسبة لهم، مع عدم إغفال أهمية تفعيل الأنشطة والفعاليات والرحلات المدرسية التي تساعد على تحسين نفسية الطالب وتعزز مهاراته الذاتية والمجتمعية في التعامل مع الآخرين.

أهمية الترفيه 
ويرى الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الاجتماع، أن الصحة النفسية تمكّن الطالب من مواجهة الضغوط المدرسية، وتحسن قدراته التعليمية والاجتماعية والثقافية، كما تتأثر بمجموعة من العوامل المحيطة منها تفكك الأسرة، وتعرض الطالب للإساءة والعنف في المدرسة بين رفاقه، ما يجعل من الصحة النفسية منظومة قادرة على تحقيق رفاهة الطالب وسعادته، وتعزز قدرته على التكيف مع محيطه المدرسي. ولابد من وضع أسس وضوابط داخل محيط المدرسة للحفاظ على الصحة النفسية للطالب، مع أهمية مشاركة الأسرة في تحقيق ذلك. ويشدد العموش على ضرورة وضع برامج وقائية للصحة النفسية عبر إلقاء المحاضرات وتنظيم ورش تربوية، وتحفيز الطلاب وتشجيعهم، مع وجود عنصر الترفيه الذي يُعد جزءاً مهماً في هذا الإطار. 

أعمال تطوعية
وتؤكد فاطمة الزعابي، متخصصة في التنمية البشرية وتطوير الذات، أن للمدرسة دوراً كبيراً في تكوين شخصية الطالب؛ لأنها تعتبر البيت الثاني له، وامتداداً للأسرة بكل ما فيها من إيجابيات، فهي قد تعمل على تصحيح الأخطاء التي ترتكبها الأسرة أحياناً في حق الأبناء.

وتقول: تلعب المدرسة دوراً في اكتساب الطالب للمعارف والمهارات والاتجاهات النفسية، التي تسهم بدورها في تشكيل الجوانب الشخصية له مثل تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات وإشراكه بالأنشطة والبرامج اللاصفية، كالأعمال التطوعية والمناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية على مستوى المدرسة أو المجتمع المحلي، كما تنمي المدرسة لديه فرص التفاعل الاجتماعي مع زملائه ومع الكادر التعليمي والإداري. فكلما شعر الطالب بالأمان الاجتماعي والطمأنينة، كان أكثر اندماجاً مع زملائه. 

تواصل وحوار  
وتشير المعلمة فاطمة الحوسني، إلى أن الصحة النفسية تتمثل في قدرة الفرد على التوافق مع نفسه ومجتمعه الذي يعيش فيه، وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين، كما تُعتبر المدرسة البيئة الأكثر تأثيراً في الصحة النفسية للطلاب بعد الأسرة، ومن المهم التواصل والحوار المستمر مع الطلاب لمنحهم مساحة آمنة للبوح بمشاكلهم ومساعدتهم في حلها يداً بيد مع إدارة المدرسة، فهؤلاء هم المستقبل والبذرة السليمة لبناء مجتمع صحي وآمن وإيجابي. وترى الحوسني أن الدور يبدأ من المعلم باعتباره حلقة وصل بين الطالب وإدارة المدرسة والأسرة، وعليه تبسيط الدروس وأن يراعي الفروقات الفردية بين الطلاب وأن يدعم من لديهم صعوبات في التعلم ويأخذ بيدهم حتى يتخطوا هذه الصعوبات، ويكافئ المتميزين بتشجيعهم على مواصلة التفوق.

سياسة اللين
تتحدث فاطمة الحوسني عن أهمية تكوين صداقات بين الطلاب واحترام بعضهم البعض، وتشجيعهم على المشاركة في الألعاب التنافسية والترفيهية التي تنمي المهارات الحياتية وبث الثقة في النفس والابتعاد عن العزلة، حتى لا يكونوا عرضة للتنمر والسخرية. وينبغي على الوالدين غرس القيم الأخلاقية في نفوس أبنائهم وعدم التفرقة بينهم ومصاحبتهم والحوار معهم والاستماع إلى مشاكلهم وحلها بالأساليب العلمية الحديثة، إضافة إلى متابعة إدارة المدرسة والمعلمين، للتعرف على مستوى أبنائهم التعليمي ومدى تجاوبهم داخل الصف الدراسي، مع ضرورة الابتعاد عن سياسة الترهيب والتعنيف، واتباع سياسة اللين وتحبيبهم بالدراسة لتحقيق أهدافهم. 

تجنب العنف
توضح شيخة النقبي (ولية أمر)، أن الأسرة تمثل النواة الأساس لتحقيق الصحة النفسية للأبناء، وتنصح الوالدين بتجنب العنف الأسري ومراعاة التغيرات التي يمر بها الابن واحتوائه، لينشأ في ظروف مستقرة نفسياً واجتماعياً.

وتؤكد ضرورة تكاتف الأسرة مع المدرسة لحماية الأبناء من أشكال الضرر النفسي، من دون إغفال دور المعلم الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة لجعل الطلبة أكثر توازناً ورغبة في التعلم، إضافة إلى التعرف على أسباب الإخفاق الدراسي للطالب، والعزلة الذي قد يفرضها على نفسه ورغبته في الانزواء بعيداً عن أقرانه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©