عدد اليوم
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
شحوب في الوجه وتعب متواصل، يرافقهما شعور دائم بالنعاس، عوارض يعاني منها الكثير من الأطفال والشباب، لاسيما خلال الفترة الدراسية، حيث يمتنعون في معظم الأحيان عن تناول وجبة الإفطار ويعوضونها ببعض البسكويت والعصائر الجاهزة، فيما يزيد إقبالهم على الطعام السريع. هذا الأمر يشتكي منه الكثير من أولياء أمور الطلاب ويعتبرونه نقطة شائكة قد تؤثر على حياة أبنائهم من الناحيتين الصحية والنفسية، ما ينعكس سلباً على تحصيلهم العلمي.
يؤكد الاختصاصيون أن عالم اليوم الذي تكثر فيه المأكولات غير الصحية، والوجبات السريعة، والإعلانات التي تجذب لطلب مأكولات غير نافعة ومليئة بالسكريات المضافة والمواد المصنعة، وتزيد من إقبال الأطفال والشباب على تناول الطعام غير الصحي، الخالي من العناصر المهمة، والتي تمد الجسم بالطاقة وتزوده بالفيتامينات الضرورية. فكيف يؤثر نقص تناول الطعام الصحي على الصحة الجسدية والنفسية؟ وكيف يمكن تعزيز تناول الأكل الصحي لدى الأطفال والشباب؟
مسؤولية
يحمِّل اختصاصيو التغذية الوالدين مسؤولية تشجيع الأطفال على تناول الأطعمة الصحية، ويؤكدون أن التغذية الصحية تعتبر عنصراً مهماً في حياة الإنسان عموماً، لاسيما في مرحلة الطفولة، إذ تضمن النمو الصحي عقلياً وبدنياً وعاطفياً، وتؤسس لجسم صحيح ومعافى مع التقدم بالعمر، لذلك فإن أي خلل في النظام الغذائي الصحي، يقود إلى مضاعفات سيئة، ويزيد احتمال الإصابة بأمراض هشاشة العظام وفقر الدم وأمراض السمنة في مرحلة الطفولة، ناهيك عن السكري وأمراض القلب والكولسترول في وقت مبكر مستقبلاً.
تحفيز
تقول فاطمة الصاوي، أم لـ 4 أبناء في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، إنها تحرص على تحضير الأكل الصحي المتنوع والغني بالألوان والأشكال لتحفز الأطفال على تناوله، إلا أنهم يفضلون البسكويت، مؤكدة أنها تؤمن بمقولة «العقل السليم في الجسم السليم»، لهذا تعمل جاهدة على تعزيز ثقافة الأكل الصحي لدى أبنائها.
وتذكر فاتن حماد، أم لشابين، أنها تعمل على إعداد الطعام بنفسها وتقدمه لابنيها قبل خروجهما إلى الجامعة، وغالباً ما يمتنعان عن تناوله، إذ يفضلان الوجبات السريعة والجاهزة التي تصل إلى باب البيت، ما يشجعهما على تناول هذا النوع من الطعام.
التفكير السليم
يدرك الاختصاصيون أهمية تناول الأكل الصحي والمتوازن، وفي هذا السياق تتحدث هدى الأشقر خبيرة التغذية الإكلينيكية في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال، عن أمراض التغذية وأسبابها ومضاعفاتها، وتقدم نصائح قيمة لأولياء الأمور لضمان اعتياد أطفالهم على الطعام الصحي وتمتعهم بالصحة والعافية. وتقول: «تدعم التغذية الصحية الأطفال في مختلف مراحل حياتهم أثناء رحلتهم التعليمية حتى وصولهم إلى الجامعة، حيث تعزز قدرتهم على استيعاب المعلومات، وتضمن تمتعهم بالتفكير السليم. كما يعتبر الجهاز الهضمي المسؤول عن 70% من الجهاز المناعي، لذلك فإن الحصول على أغذية صحية يمكن الطفل من مواجهة الأمراض بمناعة قوية، ويحسن من نموه العقلي والجسدي».
وتوضح الأشقر أن سوء التغذية يعرض الطفل لصعوبات في تحصيله الدراسي، وانخفاض حاد في تركيزه نتيجة إصابته بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد وحمض الفوليك وفيتامين بـ 12. كما أن عدم حصول الطفل على العناصر الغذائية الكافية منذ صغره يعرضه لنمو غير صحي، ويزيد من خطر إصابته بالأمراض في المستقبل.
الآباء قدوة
تحتل الوجبات الخفيفة جزءاً كبيراً من روتين المدرسة، وبات من المهم تثقيف الأطفال والشباب حول تأثير الطعام الذي يتناولونه على الأداء والتركيز في المدرسة أو الجامعة، ويتحمل أولياء الأمور جانباً مهماً من مسؤولية تعويد الأبناء على تناول الأكل الصحي واتباع العادات الصحية، وهذا ما أكدته الأشقر قائلة: «يجب على الآباء الالتزام بعادات غذائية صحية داخل المنزل لتشجيع أبنائهم، ودفعهم للمشاركة في إعداد الأطباق الصحية، واحترام أوقات تناول الطعام بما يجنبهم الإكثار من الوجبات السريعة، مع شرب كميات كافية من المياه».
الصحة النفسية
عدم إقبال الأبناء على الأكل الصحي يترتب عليه شحوب في الوجه وتساقط الشعر وضعف في الأظافر والأسنان، إلى جانب قلة النشاط، ما يؤدي إلى مشاكل صحية وأمراض القلب نتيجة ضعف الشرايين ونقص الفيتامينات، وعلى رأسها فيتامين (د)، حيث تربط الدكتورة نادية الخالدي، اختصاصية الإرشاد الأسري والصحة النفسية، بين جودة التغذية والصحة العقلية والنفسية، مؤكدة أن نقص بعض الفيتامينات يؤدي إلى الاكتئاب. وتشدد على ضرورة التنويع في الأكل الصحي، مع تناول الأكل ببطء، وعدم الانشغال بمشاهدة التلفزيون أو الهاتف أثناء تناول الطعام، وعدم الإفراط في تناول الوجبات السريعة.
نصائح
تناول الطفل لـ 3 وجبات أساسية خلال اليوم ووجبتين خفيفتين، مع الحد من تناول السكريات والأطعمة عالية الدهون، وتناول الفاكهة والخضراوات واللحوم الخالية من الدهن ومنتجات الألبان قليلة الدسم والحليب والجبن، من الوسائل المهمة التي تمنع العديد من المشاكل الصحية، وتحفز على النمو السليم وتؤمن بنية جسم صحية للطفل. هذا ما أكدته الدكتورة ريان علي اختصاصية التغذية العلاجية في مدينة برجيل الطبية، مشددة على هذه النصائح لتعويد الطفل على تناول الطعام الصحي. وترى أن الآباء هم حجر الزاوية في تعليم أبنائهم العادات الغذائية الصحية، وهم القدوة لأبنائهم، لذلك فإن أي عادات غذائية يتبعونها في المنزل تنعكس على الأطفال أيضاً.
وتقول: «يجب الالتزام بتناول وجبة الإفطار يومياً للمساعدة على التركيز في الدراسة طوال اليوم، ويتضمن الفطور الصحي النموذجي الأغذية الغنية بالبروتين كالبيض، والغنية بالحبوب كالخبز، بالإضافة لكوب من الحليب والفاكهة الغنية بفيتامين «ج» كالبرتقال. وتثبت الدراسات أن الأطفال الذين لا يتناولون وجبات الإفطار بشكل منتظم، من الممكن أن تظهر عليهم آثار ضارة على مستويات الطاقة والنشاط والإدراك، ويجب تناول أنواع مختلفة من الأطعمة للحصول على العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، وموازنة كمية الطعام مع النشاط خلال اليوم، واختيار الأطعمة الغنية بالحبوب والخضراوات والفاكهة، والأطعمة قليلة الدسم والدهون المشبعة، والتي تحتوي على نسب معتدلة من السكريات والأملاح».
