الأحد 24 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شريط الـ Subtitles.. موضة الإعلام والدراما

شريط الـ Subtitles.. موضة الإعلام والدراما
1 أكتوبر 2022 00:38

أبوظبي (الاتحاد)

يلوم كثيرون الأجيال الجديدة؛ لأنها لا تقرأ بما فيه الكفاية، لكن الأمر في الحقيقة ليس كذلك. إنهم في الواقع يقرأون كثيراً.. لكن بطريقة مختلفة. والفضل لـ«الميديا» الجديدة. تغيرت عادات القراءة، مع صعود نجم الـ«Subtitles».. النصوص الشارحة التي تظهر مع مقاطع الفيديو ومشاهد المسلسلات والأفلام. تحولت تلك النصوص، إلى موضة كاسحة تعتمدها معظم المنصات في عرضها للأخبار والتقارير الصحفية. لم تعد الصورة وحدها كافية ولا الموسيقى التصويرية ولا التعليق الصوتي المصاحب.. الآن يلجؤون إلى شريط صغير لا يزيد طوله على بوصة واحدة أحياناً، يحشرون فيه عشر كلمات في المتوسط، على كل مشهد. إنه التطور الطبيعي لشريط الأخبار.
كان الأمر في البداية محصوراً في المسلسلات والأفلام الناطقة بـ«الإنجليزية» التي يتعين ترجمتها للغة المشاهدين. الآن يحرص منتجو الأعمال الفنية في الولايات المتحدة وبريطانيا على أن يظهر نص الحوار مكتوباً باللغة الإنجليزية، مع إضافات أخرى مؤثرة جداً.
كسبت الخدمة الجديدة شعبية كبيرة، بدليل نتائج دراسة استقصائية مثيرة للدهشة أجرتها مؤسسة Stagetext البريطانية الخيرية المتخصصة في عمليات ترجمة الأعمال الفنية. وجدت الدراسة أن الشباب في الفئة العمرية 18 - 25 عاماً، يستخدم أربعة من كل خمسة النصوص المكتوبة الشارحة مع الأفلام والمسلسلات طوال الوقت أو جزء منه، على الرغم من أن مشاكل السمع لديهم أقل من الأجيال الأكبر سناً. وعلى النقيض من ذلك، قال أقل من ربع أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 56 و75 عاماً، إنهم يشاهدون الأفلام والمسلسلات مع النصوص التوضيحية.
أي أنه بعد نحو 120 عاماً من ظهور هذه النصوص الشارحة للمرة الأولى في عهد السينما الصامتة، ها هم أبناء جيل (Z) يعيدون إحياءها مرة أخرى لأسباب مختلفة تماماً. كانت البطاقات المكتوبة على الورق المقوى التي تظهر بين لقطات الأفلام  في عهد السينما الصامتة ضرورية جداً، ليفهم المشاهدون مضمون الفيلم. لكن الآن لماذا يقبل عليها الشباب مواليد الفترة من منتصف التسعينيات إلى منتصف العقد الأول من القرن الـ21.؟!

الأسباب كثيرة، فالأميركيون الذين يشاهدون المسلسلات والأفلام البريطانية، قد يصعب عليهم فهم «اللكنة» أحياناً، فالأفضل لهم قراءة الحوار مكتوباً بـ«الإنجليزية»، حسبما تقول صحيفة «ديلي تليجراف» البريطانية. كما أن بعض الممثلين أصحاب النزعة الحديثة في الأداء يندمجون في أدوارهم بطريقة تجعل مخارج الألفاظ غير واضحة.
لكن المفارقة أن السبب الأكثر شيوعاً من ذلك هو، تطبيقات مثل «إنستغرام» و«تيك توك» و«سناب شات» و«تويتر» وو«اتساب». كيف؟!
يقول أحد أبناء هذا الجيل، إن النصوص الشارحة، تساعد المراهقين على متابعة الأعمال الفنية على التلفزيون أو حتى في السينما في الوقت الذي هم فيه منشغلون بالنظر إلى هواتفهم النقالة أو الشاشات الذكية بين الحين والآخر. وهذه مفارقة غريبة؛ لأن تلك النصوص الشارحة المكتوبة بنفس اللغة المنطوقة في الأعمال الفنية كانت تستهدف بالأساس أصحاب الهمم من ضعاف السمع أو الصم. الآن تحولت تلك التعليقات إلى ما يشبه «المقويات» التلفزيونية أو المقبلات. إذ أن هناك توجه جديد لتطوير الشروح بإضافة مؤثرات ومشهيات لغوية قوية وأوصاف تعبيرية تضفي على كل مشهد أبعاداً جديدة تمثل قيمة مضافة للعمل الفني.
بالطبع لعبت منصات البث التدفقي، مثل «نتفلكس»، دوراً هائلاً في هذا التطور. فقد كانت الأعمال الفنية الأميركية هي المسيطرة على الجمهور عبر العالم.. لكن الآن اكتسبت المسلسلات الناطقة بـ«الإسبانية» و«الكورية» و«الفرنسية» شهرة واسعة بعدما وجدت طريقها إلى «نتفلكس» مصحوبة بترجمات لمختلف اللغات. إذن تجاوز العالم حاجز اللغة بالشريط الصغير الذي لا يتعدى طوله بوصة واحدة، كما قال ذات مرة بونغ جون هو، المخرج الكوري الجنوبي صاحب فيلم Parasite. ليس هذا فحسب، بل يحصل المشاهدون أيضا على نصوص مؤثرة بلغة ملهمة.

ثورة «نتفليكس».. اللغوية
الميديا العربية ركبت مؤخراً الموجة الجديدة.. فلا تخلو منصة رقمية أو محطة تلفزيونية من أعمال تقوم أساساً على فكرة شريط النصوص الشارحة، سواء تعلق الأمر بقضية فنية أو سياسية أو اجتماعية أو متابعة خبرية جديدة. بل صار مقدمو المحتوى الجدد يعتمدون الموضة نفسها. لكن «نتفليكس»، أحدثت ثورة مختلفة. ففي شريط النصوص الشارحة تضع المنصة أحياناً تعليقات مثيرة للدهشة لكل مشهد بما تتضمنه من توصيفات دقيقة، حتى للأصوات والهمسات.. والصمت، بهدف زيادة الشحنة المعنوية والعاطفية التي تصل للمشاهد خلال العرض، حسبما تقول مديرة العولمة في المنصة، كاثي روكني.
وتستعين «نتفليكس» بمحررين بارعين لأداء هذه المهمة التي حولت تلك النصوص إلى فن موازٍ للأداء التمثيلي والموسيقى التصويرية، يستمتع بها الجميع حتى من غير أصحاب الهمم.. فقد حول المحررون نصوصهم تلك إلى قيمة مضافة للعرض الفني، تضفي عليه أبعاداً جديدة ومختلفة بشروح سحرية لكل تفاصيل المشهد، بدرجة تزيده تألقاً. ويثير مسلسل Stranger Things ضجة كبرى بأسلوبه المميز جداً في تقديم  تجربة غامرة بالمتعة للمشاهدين بالشروح القوية جداً والمفرطة في التعبير، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين. 
لكن للأسف لم تستوعب المنصات أو صناعة السينما العربية حتى الآن هذه الطفرة الكبرى التي يمكن أن تستفيد منها كثيراً لخدمة أصحاب الهمم من مرضى السمع أو حتى لزيادة متعة غيرهم من المشاهدين. ومن شأن تبني هذا الاتجاه أن ينعش سوق المحررين في الإعلام العربي.

التطور الطبيعي لشريط الأخبار
شريط الأخبار عندما بدأ في الظهور على شاشات محطات التلفزيون ذات الطابع الإخباري كان يعد تطوراً مهماً في طبيعة الخدمات التي تستهدف استقطاب المزيد من الجمهور عبر بث المزيد من الأخبار بالتزامن مع عرض مختلف البرامج التلفزيونية. لكن الجديد الآن هو استخدام الفكرة نفسها لتقديم خدمات أخرى (غير إخبارية) للجمهور.

مؤسسة بريطانية هدفها تيسير وصول الفن للصم
Stagetext، هي مؤسسة خيرية بريطانية تستهدف خدماتها أصحاب الهمم من الصم. وتعمل المؤسسة على تسهيل استمتاعهم ووصولهم لمختلف العروض الفنية في دور العرض السينمائي والمسارح. 
وتقول المؤسسة إن 12 مليون شخص في المملكة المتحدة يعانون الصمم أو ضعف السمع. وهذا يعني أن واحداً من كل خمسة يعتمد على الترجمة والتعليقات التوضيحية لتجربة متعة المسرح الحي، أو الغناء مع المسرحيات الموسيقية المفضلة، أو القيام بجولات مصحوبة بمرشدين حول المتاحف، أو لرؤية مؤلفينا المفضلين يتحدثون في المهرجانات.
تجعل المؤسسة هذه التجارب ممكنة منذ عقدين، باستخدام أحدث التقنيات وفق أعلى المعايير، لمنح الجميع تجربة كاملة ومتساوية في الاستمتاع بمختلف العروض الفنية.
وتضيف المؤسسة في تعريفها لنفسها: «عرف مؤسسونا كيف يمكن أن تكون العزلة عندما تضطر إلى استبعادك. لا نريد أبداً أن يشعر أي شخص بهذه الطريقة مرة أخرى».

متى ظهر شريط الترجمة؟
للمرة الأولى ظهرت «بطاقات» الترجمة في عصر السينما الصامتة عام 1903.. كان ذلك تطوراً مذهلاً في الصناعة الجديدة. فكر المنتجون في أن استخدام ألواح من الورق المقوى المكتوب عليه شرح للمشاهد السينمائية، يمكن أن يزيد من إقبال الجمهور. فكان يصورون تلك الألواح ويضعونها كلقطات بين المشاهد. وقد كانوا بارعين إلى حدٍّ ما.. فقد كانوا يهتمون بكل التفاصيل حتى أنهم كانوا يضعون مثلاً ثلاث نقاط... في آخر الجملة المكتوبة ليفهم المشاهد أن للكلام بقية في اللقطة التالية.
ظهرت هذه البطاقات للمرة الأولى مع فيلم «Uncle Tom›s Cabin» من إخراج إدوين بورتر. لكن اعتباراً من يناير 1929 بدأ شريط الترجمة يظهر على الأفلام الأميركية عند عرضها في الدنمارك وفرنسا. وقد كان البداية مع فيلم «ملك الجاز» الذي عرض في باريس.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©