رغم عدم القدرة على تأمين الشفاء بشكل نهائي، غيّر علاج جديد ضد "التليف الكيسي" حياة مرضى كثيرين من خلال تقليص آثار المرض. وقال رئيس جمعية "التغلب على التليف الكيسي" الفرنسية دافيد فيان، الذي كان أول من جرّب هذا العلاج المعروف بـ"كفتريو"، إن آثاره "مذهلة". يشكّل "كفتريو"، الذي تنتجه شركة "فيرتكس" الأميركية لصناعة الأدوية، جزءاً من فئة مبتكرة من الأدوية ضد هذا المرض ذي الأصل الوراثي، والذي يؤدي إلى تدهور شديد في الجهازين التنفسي والهضمي وكان غالباً ما يتسبب في الماضي بوفيات في صفوف الأطفال والمراهقين. رُخِّص في أغسطس 2020 بطرح هذا الدواء في السوق في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي. أما في الولايات المتحدة، حيث يباع تحت اسم "تريكافتا"، فصدر الترخيص له عام 2019. ترى الجمعيات المختصة أن هذا الدواء هو بمثابة ثورة تكفل تحويل التليّف الكيسي لدى بعض المرضى إلى مرض مزمن ومستقر. ويُقدّم هذا العلاج الثلاثي (مزيج من ثلاثة جزيئات) على شكل أقراص مدى الحياة، ويُقلل بوضوح من آثار المرض، ولا سيما حالات الإعاقة الرئوية.
يصيب التليف الكيسي نحو 70 ألف شخص في كل أنحاء العالم، مع تفاوت جغرافي في انتشاره إذ إن عدد الحالات قليل جداً في أفريقيا وآسيا. وقال دافيد فيان (40 عاماً) "قبل أن أبدأ تلقّي +كفتريو+ بقليل، كنت أتلقى العلاج بالأكسجين، في انتظار إجراء عملية زرع رئة لي". وأضاف "لم أعد أعرف ما إذا كنت أعيش لعلاج نفسي أو إذا كنت أعتني بنفسي لأعيش، إذ كان عدد ساعات الرعاية نحو ست يومياً (العلاج الطبيعي، البخاخات، إلخ)، وكنت أُحقَن بما معدله ثلاثة أسابيع إلى أربعة سنوياً". وروى "تناولت جرعة أولى من الدواء ذات صباح، وفي الساعة الثالثة بعد الظهر، شعرت بالتأثيرات الأولى". فللمرة الأولى منذ سنوات، تمكّن من الاستحمام بمفرده و"صعود 15 درجة متتالية" والأهم مرافقة ابنته "لشراء الكتب المصورة". وعندما فحصه طبيبه بعد مدة قصيرة، سمع "الهواء يسري" في رئتيه، وهو ما لم يحصل من قبل. منذ ذلك الحين، قلل إلى حد كبير من العلاجات الطبيعية والطبية. لا يعالج دواء "كفتريو" الأعراض بل الأسباب الكامنة وراء المرض عن طريق إصلاح العيوب في بروتين CFTR الناجم عن طفرة جينية. وفي مارس الفائت، وافقت فرنسا على منح هذا الدواء للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً المطابقين لعدد من المعايير الجينية. لكنّ دافيد فيان ينبّه إلى أنه "ليس علاجاً سحرياً، إذ لا يوجد حتى الآن علاج للتليف الكيسي". وفضلاً عن ذلك، سيقتصر الدواء على عدد من المرضى إذ إن بعضهم غير مطابقين للمتطلبات الوراثية مما يحد من تأثير العلاج عليهم.